٧

ما أفاء اللّه . . . . .

{مَّا أَفَاء اللّه عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى } ،

قال الزمخشري : لم يدخل العاطف على هذه الجملة ، لأنها بيان للأولى ، فهي منها غير أجنبية عنها . بين لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما يصنع بما أفاء اللّه عليه ، وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم مقسوم على الأقسام الخمسة . انتهى . و

قال ابن عطية : أهل القرى المذكورون في هذه الآية هم أهل الصفراء وينبع ووادي القرى وما هنالك من قرى العرب التي تسمى قرى عرينة ، وحكمها مخالف لبني النضير ، ولم يحبس من هذه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لنفسه شيئاً ، بل أمضاها لغيره ، وذلك أنها في ذلك الوقت فتحت . انتهى .

وقيل : إن الآية الأولى خاصة في بني النضير ، وهذه الآية عامة .

وقرأ الجمهور :{ كَى لاَ يَكُونَ } بالياء ؛ وعبد اللّه وأبو جعفر وهشام : بالتاء . والجمهور :{ دُولَةً } بضم الدال ونصب التاء ؛ وأبو جعفر وأبو حيوة وهشام : بضمها ؛ وعلي والسلمي : بفتحها . قال عيسى بن عمر : هما بمعنى واحد . وقال الكسائي وحذاق البصرة : الفتح في الملك بضم الميم لأنها الفعلة في الدهر ، والضم في الملك بكسر الميم . والضمير في تكون بالتأنيث عائد على معنى ما ، إذ المراد به الأموال والمغانم ، وذلك الضمير هو اسم { يَكُونَ} وكذلك من قرأ بالياء ، أعاد الضمير على لفظ ما ، أي يكون الفيء ، وانتصب دولة على الخبر . ومن رفع دولة فتكون تامة ، ودولة فاعل ، وكيلا يكون تعليل لقوله :{ فَللّه وَلِلرَّسُولِ } ،أي فالفيء وحكمه للّه وللرسول ، يقسمه على ما أمره اللّه تعالى ، كي لا يكون الفيء الذي حقه أن يعطى للفقراء بلغة يعيشون بها متداولاً بين الأغنياء يتكاثرون به ، أو كيلا يكون دولة جاهلية بينهم ، كما كان رؤساؤهم يستأثرون بالغنائم ويقولون : من عز بزّ ، والمعنى : كي لا يكون أخذه غلبة وأثرة جاهلية .

وروي أن قوماً من الأنصار تكلموا في هذه القرى المفتتحة وقالوا : لنا منها سهمنا ، فنزل :{ وَمَا ءاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ} وعن الكلبي : أن رؤساً من المسلمين قالوا له : يا رسول اللّه ، خذ صفيك والربع ودعنا والباقي ، فهكذا كنا نفعل في الجاهلية ، فنزل :{ وَمَا ءاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ } الآية ، وهذا عام يدخل فيه قسمة ما أفاء اللّه والغنائم وغيرها ؛ حتى أنه قد استدل بهذا العموم على تحريم الخمر ، وحكم الواشمة والمستوشمة ، وتحريم المخيط للمحرم .

ومن غريب الحكايات في

الاستنباط : أن الشافعي ، رحمه اللّه تعالى ، قال : سلوني عما شئتم أخبركم به من كتاب اللّه تعالى وسنة النبي صلى اللّه عليه وسلم. فقال له عبد اللّه بن محمد بن هارون : ما تقول في المحرم يقتل الزنبور ؟ فقال : قال اللّه تعالى : { وَمَا ءاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ} وحدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن خراش ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : { اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر} . وحدثنا سفيان بن عيينة ، عن مسعر بن كدام ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر بن الخطاب ، أنه أمر بقتل الزنبور . انتهى . ويعني في الإحرام . بين أنه يقتدي بعمر ، وأن الرسول صلى اللّه عليه وسلم أمر بالاقتداء به ، وأن اللّه تعالى أمر بقبول ما يقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

﴿ ٧