١١

وإن فاتكم شيء . . . . .

ولما تقرر هذا الحكم ، قالت قريش ، فيما روي : لا نرضى هذا الحكم ولا نلتزمه ولا ندفع لأحد صداقاً ، فنزلت بسبب ذلك هذه الآية الأخرى : { وَإِن فَاتَكُمْ } ، فأمر تعالى المؤمنين أن يدفعوا من فرت زوجته من المسلمين ، ففاتت بنفسها إلى الكفار وانقلبت من الإسلام ، ما كان مهرها . قال

الزمخشري :

فإن قلت : هل لإيقاع شيء في هذا الموضوع فائدة ؟

قلت : نعم ، الفائدة فيه أن لا يغادر شيء من هذا الجنس ، وإن قل وحقر ، غير معوض منه تغليظاً في هذا الحكم وتشديداً فيه . انتهى . واللاتي ارتددن من نساء المهاجرين ولحقن بالكفار : أم الحكم بنت أبي سفيان ، زوج عياض بن شداد الفهري ؛ وأخت أم سلمة فاطمة بنت أبي أمية ، زوج عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه ؛ وعبدة بنت عبد العزى ، زوج هشام بن العاصي ؛ وأم كلثوم بنت جرول ، زوج عمر أيضاً . وذكر الزمخشري أنهن ست ، فذكر : أم الحكم ، وفاطمة بنت أبي أمية زوج عمر بن الخطاب ، وعبدة وذكر أن زوجها عمرو بن ود ، وكلثوم ، وبروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان ، وهند بنت أبي جهل كانت تحت هشام بن العاصي ، أعطى أزواجهن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مهورهن من الغنيمة .

وقرأ الجمهور { فَعَاقَبْتُمْ } بألف ؛ ومجاهد والزهري والأعرج وعكرمة وحميد وأبو حيوة والزعفراني : بشد القاف ؛ والنخعي والأعرج أيضاً وأبو حيوة أيضاً والزهري أيضاً وابن وثاب : بخلاف عنه بخف القاف مفتوحة ؛ ومسروق والنخعي أيضاً والزهري أيضاً : بكسرها ؛ ومجاهد أيضاً : فاعقبتم على وزن افعل ، يقال : عاقب الرجل صاحبه في كذا ، أي جاء فعل كل واحد منهما يعقب فعل الآخر ،

ويقال : أعقب ، قال : وحادرت البلد الحلاد ولم يكن

لعقبة قدر المستعيرين يعقب

وعقب : أصاب عقبى ، والتعقيب : غزو إثر غزو ، وعقب بفتح القاف وكسرها مخففاً .

وقال الزمخشري : فعاقبتم من العقبة ، وهي النوبة . شبه ما حكم به على المسلمين والكافرين من أداء هؤلاء مهور نساء أولئك تارة ، وأولئك مهور نساء هؤلاء أخرى ، بأمر يتعاقبون فيه ، كما يتعاقب في الركوب وغيره ، ومعناه : فجاءت عقبتكم من أداء المهر .{ فَاتُواْ } من فاتته امرأته إلى الكفار مثل مهرها من مهر المهاجرة ، ولا يؤتوه زوجها الكافر ، وهكذا عن الزهري ، يعطي من صداق من لحق بهم . ومعنى أعقبتم : دخلتم في العقبة ، وعقبتم من عقبه إذا قفاه ، لأن كل واحد من المتعاقبين يقفي صاحبه ، وكذلك عقبتم بالتخفيف ، يقال : عقبه يعقبه . انتهى . وقال الزجاج : فعاقبتم : قاضيتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم ، وفسر غيرها من القراءات : لكانت العقبى لكم : أي كانت الغلبة لكم حتى غنمتم والكفار من قوله :{ إِلَى الْكُفَّارِ } ، ظاهره العموم في جميع الكفار ، قاله قتادة ومجاهد . قال قتادة : ثم نسخ هذا الحكم .

وقال ابن عباس : يعطى من الغنيمة قبل أن تخمس . وقال الزهري : من مال الفيء ؛ وعنه : من صداق من لحق بنا .

وقيل : الكفار مخصوص بأهل العهد . وقال الزهري : اقتطع هذا يوم الفتح . وقال الثوري : لا يعمل به اليوم . وقال مقاتل : كان في عهد الرسول فنسخ . و

قال ابن عطية : هذه الآية كلها قد ارتفع حكمها . وقال أبو بكر بن العربي القاضي : كان هذا حكم اللّه مخصوصاً بذلك الزمان في تلك النازلة بإجماع الأمة . وقال القشيري : قال قوم هو ثابت الحكم إلى الآن .

﴿ ١١