٣فإذا بلغن أجلهن . . . . . {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } : أي أشرفن على انقضاء العدّة ، { فَأَمْسِكُوهُنَّ } : أي راجعوهنّ ، { بِمَعْرُوفٍ } : أي بغير ضرار ، {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } : أي سرحوهنّ بإحسان ، والمعنى : اتركوهنّ حتى تنقضي عدّتهنّ ، فيملكن أنفسهنّ . وقرأ الجمهور :{ أَجَلُهُنَّ } على الإفراد ؛ والضحاك وابن سيرين : آجالهنّ على الجمع . والإمساك بمعروف : هو حسن العشرة فيما للزوجة على الزوج ، والمفارقة بمعروف : هو أداء المهر والتمتيع والحقوق الواجبة والوفاء بالشرط .{ وَأَشْهِدُواْ } : الظاهر وجوب الإشهاد على ما يقع من الإمساك وهو الرجعة ، أو المفارقة وهي الطلاق . وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة ، كقوله :{ وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ } ؛ وعند الشافعية واجب في الرجعة ، مندوب إليه في الفرقة . وقيل :{ وَأَشْهِدُواْ } : يريد على الرجعة فقط ، والإشهاد شرط في صحتها ، فلها منفعة من نفسها حتى يشهد . وقال ابن عباس : الإشهاد على الرجعة وعلى الطلاق يرفع عن النوازل أشكالاً كثيرة ، ويفسد تاريج الإشهاد من الإشهاد . قيل : وفائدة الإشهاد أن لا يقع بينهما التجاحد ، وأن لا يتهم في إمساكها ، ولئلا يموت أحدهما فيدعي الثاني ثبوت الزوجية ليرث . انتهى . ومعنى منكم ، قال الحسن : من المسلمين . وقال قتادة : من الأحرار . { وَأَقِيمُواْ الشَّهَادَةَ للّه } : هذا أمر للشهود ، أي لوجه اللّه خالصاً ، لا لمراعاة مشهود له ، ولا مشهود عليه لا يلحظ سوى إقامة الحق .{ ذالِكُمْ } : إشارة إلى إقامة الشهادة ، إذ نوازل الأشياء تدور عليها ، وما يتميز المبطل من المحق . {وَمَن يَتَّقِ اللّه } ، قال علي بن أبي طالب وجماعة : هي في معنى الطلاق ، أي ومن لا يتعدى طلاق السنة إلى طلاق الثلاث وغير ذلك ، { يَجْعَلِ اللّه لَهُ مَخْرَجاً } إن ندم بالرجعة ، { وَيَرْزُقْهُ } ما يطعم أهله . انتهى . ومفهوم الشرط أنه إن لم يتق اللّه ، فبت الطلاق وندم ، لم يكن له مخرج ، وزال عنه رزق زوجته . وقال ابن عباس : للمطلق ثلاثاً : إنك لم تتق اللّه ، بانت منك امرأتك ، ولا أرى لك مخرجاً . وقال :{ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } : يخلصه من كذب الدنيا والآخرة . والظاهر أن قوله :{ وَمَن يَتَّقِ اللّه } متعلق بأمر ما سبق من أحكام الطلاق . وروي أنها في غير هذا المعنى ، وهو أن أسر ابن يسمى سالماً لخوف بن مالك الأشجعي ، فشكا ذلك للرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وأمره بالتقوى فقبل ، ثم لم يلبث أن تفلت ولده واستاق مائة من الإبل ، كذا في الكشاف . وفي الوجيز : قطيعاً من الغنم كانت للذين أسروه ، وجاء أباه فسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أيطيب له ؟ فقال : { نعم } ، فنزلت الآية . وقال الضحاك : من حيث لا يحتسب امرأة أخرى . وقيل : ومن يتق الحرام يجعل له مخرجاً إلى الحلال . وقيل : مخرجاً من الشدة إلى الرخاء . وقيل : من النار إلى الجنة . وقيل : من العقوبة ، ويرزقه من حيث لا يحتسب من الثواب . وقال الكلبي : ومن يتق اللّه عند المصيبة يجعل له مخرجاً إلى الجنة . {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه} : أي يفوض أمره إليه ، { فَهُوَ حَسْبُهُ } : أي كافيه .{ إِنَّ اللّه بَالِغُ أَمْرِهِ } ، قال مسروق : أي لا بد من نفوذ أمر اللّه ، توكلت أم لم تتوكل . وقرأ الجمهور : بالغ بالتنوين ، أمره بالنصب ؛ وحفص والمفضل وأبان وجبلة وابن أبي عبلة وجماعة عن أبي عمرو ويعقوب وابن مصرف وزيد بن علي : بالإضافة ؛ وابن أبي عبلة أيضاً وداود بن أبي هند وعصمة عن أبي عمرو : بالغ أمره ، رفع : أي نافذ أمره . والمفضل أيضاً : بالغاً بالنصب ، أمره بالرفع ، فخرجه الزمخشري على أن بالغاً حال ، وخبر إن هو قوله تعالى :{ قَدْ جَعَلَ اللّه } ، ويجوز أن تخرج هذه القراءة على قول من ينصب بأن الجزأين ، كقوله : إذا اسود جنح الليل فلتأت ولتكن خطاك خفافاً أن حراسنا أسدا ومن رفع أمره ، فمفعول بالغ محذوف تقديره : بالغ أمره ما شاء .{ قَدْ جَعَلَ اللّه لِكُلّ شَىْء قَدْراً } : أي تقديراً وميقاتاً لا يتعداه ، وهذه الجمل تحض على التوكل . وقرأ جناح بن حبيش : قدراً بفتح الدال ، والجمهور بإسكانها . قوله عز وجل :{ وَاللاَّئِى يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِى لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الاْحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللّه يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ذَلِكَ أَمْرُ اللّه أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللّه يُكَفّرْ عَنْهُ سَيّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ } سقط : فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن وأتمروا بينك { َ} {سقط : بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ، لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه اللّه لا يكلف اللّه نفسا إلا ما آتاها سيجعل اللّه بعد عسر يسرا} |
﴿ ٣ ﴾