٦

يا أيها الذين . . . . .

ولما وعظ أزواج الرسول صلى اللّه عليه وسلم موعظة خاصة ، أتبع ذلك بموعظة عامة للمؤمنين وأهليهم ، وعطف { وَأَهْلِيكُمْ } على { أَنفُسَكُمْ } ، لأن رب المنزل راع وهو مسؤول عن أهله . ومعنى وقايتهم : حملهم على طاعته وإلزامهم أداء ما فرض عليهم . قال عمر : يا رسول اللّه ، نقي أنفسنا ، فكيف لنا بأهلينا ؟ قال : { تنهونهن عما نهاكم اللّه تعالى عنه ، وتأمرونهن بما أمركم اللّه به ، فتكون ذلك وقاية بينهن وبين النار } ، ودخل الأولاد في { وَأَهْلِيكُمْ}

وقيل : دخلوا في { أَنفُسَكُمْ } لأن الولد بعض من أبيه ، فيعلمه الحلال والحرام ويجنبه المعاصي . وقرىء : وأهلوكم بالواو ، وهو معطوف على الضمير في { قُواْ } وحسن العطف للفصل بالمفعول .

وقال الزمخشري :

فإن قلت : أليس التقدير قوا أنفسكم وليق أهلوكم أنفسهم ؟

قلت : لا ، ولكن المعطوف مقارن في التقدير للواو وأنفسكم واقع بعده ، فكأنه قيل : قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم . لما جمعت مع المخاطب الغائب غلبته عليه . فجعلت ضميرهما معاً على لفظ المخاطب . انتهى . وناقض في قوله هذا لأنه قدر وليق أهلوكم فجعله من عطف الجمل ، لأن أهلوكم اسم ظاهرة لا يمكن عنده أن يرتفع بفعل الآمر الذي للمخاطب ، وكذا في قوله :{ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } ، ثم قال : ولكن المعطوف مقارن

في التقدير للواو ، فناقض لأنه في هذا جعله مقارناً في التقدير للواو ، وفيما قبله رفعه بفعل آخر غير الرافع للواو وهو وليق ، وتقدم الخلاف في فتح الواو في قوله : { وَقُودُهَا } وضمها في البقرة . وتفسير { وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } في البقرة { عَلَيْهَا مَلَئِكَةٌ } : هي الزبانية التسعة عشر وأعوانهم . ووصفهم بالغلظ ، إما لشدة أجسامهم وقوتها ،

وإما لفظاظتهم لقوله :{ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ } ،أي ليس فيهم رقة ولا حنة على العصاة . وانتصب { مَا أَمَرَهُمْ } على البدل ، أي لا يعصون أمره لقوله تعالى :{ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى } ،أو على إسقاط حرف الجر . أي فيما أمرهم { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} قيل : كرر المعنى توكيداً .

وقال الزمخشري :

فإن قلت : أليس الجملتان في معنى واحد ؟

قلت : لا فإن معنى

الأولى : أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ولا يأبونها ولا ينكرونها ، ومعنى الثانية : أنهم يودون ما يؤمرون ، لا يتثاقلون عنه ولا يتوانون فيه .

﴿ ٦