سورة الحاقة

مكية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

الحاقة

الحسوم ، قال الفراء : من حسم الداء ، أي تابع بالمكواة عليه ، قال الشاعر : ففرق بين جمعهم زمان

تتابع فيه أعوام حسوم

وقال المبرد : حسمت الشيء : فصلته عن غيره ، ومنه الحسام . قال الشاعر : فأرسلت ريحاً دبوراً عقيما

فدارت عليهم فكانت حسوماً

وقال الليث : الحسوم : الشؤم ، يقال : هذه ليالي الحسوم : أي تحسم الخير عن أهلها ، وقاله في الصحاح . صرعي : هلكى ، الواحد صريع ، وهي الشيء ضعف وتداعي للسقوط . قال ابن شجرة : من قولهم وهي السقاء إذا انخرق ، ومن أمثالهم قول الراجز : خل سبيل من وهي سقاؤه

ومن هريق بالفلاة ماؤه

الأرجاء : الجوانب ، واحدها رجا ، أي جانب من حائط أو بئر ونحوه ، وهو من ذوات الواو ، ولذلك برزت في التثنية . قال الشاعر : كأن لم ترا قبلي أسيراً مقيدا

ولا رجلاً يرمي به الرجوان

وقال الآخر : فلا يرمي به الرجوان إني

أقل اليوم من يغني مكاني

هاء بمعنى خذ ، فيها لغات ذكرناها في شرح التسهيل . وقال الكسائي وابن السكيت : العرب تقول : هاء يا رجل ، وللاثنين رجلين أو امرأتين : هاؤما ، وللرجل هاؤم ، وللمرأء هاء بهمزة مكسورة من غير ياء ، وللنساء هاؤن . قيل : ومعنى هاؤم : خذوا ، ومنه الخبر في الربا الإهاء وهاء : أي يقول كل واحد لصاحبه خذ .

وقيل : تعالوا ، وزعم القتبي أن الهمزة بدل من الكاف ، وهذا ضعيف إلا إن كان عنى أنها تحل محلها في لغة من قال : هاك وهاك وهاكما وهاكم وهاكن ، فيمكن أنه بدل صناعي ، لأن الكاف لا تبدل من الهمزة ولا الهمزة منها .

وقيل : هاؤم كلمة وضعت لإجابة الداعي عند الفرح والنشاط . وفي الحديث ، أنه عليه الصلاة والسلام ناداه أعرابي بصوت عال ، فجاوبه عليه الصلاة والسلام :  { هاؤم } ، بصولة صوته . وزعم قوم أنها مركبة في الأصل ، والأصل هاء أموا ، ثم نقله التخفيف والاستعمال . وزعم قوم أن هذه الميم ضمير جماعة الذكور . القطوف جمع قطف : وهو ما يجتنى من الثمر ويقطف . السلسلة معروفة ، وهي حلق يدخل في حلق على سبيل الطول . الذراع مؤنث ، وهو معروف ، وقال الشاعر : أرمي عليها وهي فرع أجمع

وهي ثلاث أذرع وأصبع

حض على الشيء : حمل على فعله بتوكيد . الغسلين ، قال اللغويون : ما يجري من الجراح إذا غسلت . الوتين : عرق يتعلق به القلب ، إذا انقطع مات صاحبه . وقال الكلبي : عرق بين العلباء والحلقوم ، والعلباء : عصب العنق ، وهما علباوان بينهما العرق .

وقيل : عرق غليظ تصادفه شفرة الناحر ، ومنه قول الشماخ : إذا بلغتني وحملت رحلي

عرابة فاشرقي بدم الوتين

هذه السورة مكية . ومناسبتها لما قبلها : أنه لما ذكر شيئاً من أحوال السعداء والأشقياء ، وقال :{ ذَرْنِى وَمَنْ يُكَذّبُ بِهَاذَا الْحَدِيثِ } ، ذكر حديث القيامة وما أعد اللّه تعالى لأهل السعادة وأهل الشقاوة ، وأدرج بينهما شيئاً من أحوال الذين كذبوا الرسل ، كعاد وثمود وفرعون ، ليزدجر بذكرهم وما جرى عليهم الكفار الذين عاصروا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وكانت العرب عالمة بهلاك عاد وثمود وفرعون ، فقص عليهم ذلك .

{الْحَاقَّةُ } : المراد بها القيامة والبعث ، قاله ابن عباس وغيره ، لأنها حقت لكل عامل عمله .

وقال ابن عباس وغيره : لأنها تبدي حقائق الأشياء .

وقيل : سميت بذلك لأن الأمر يحق فيها ، فهي من باب ليل نائم . والحاقة اسم فاعل من حق الشيء إذا ثبت ولم يشك في صحته . وقال الأزهري : حاققته فحققته أحقه : أي غالبته فغلبته . فالقيامة حاقة لأنها تحقق كل محاق في دين اللّه بالباطل ، أي كل مخاصم فتغلبه .

وقيل : الحاقة مصدر كالعاقبة والعافية ، والحاقة مبتدأ ،

﴿ ١