٦وأنه كان رجال . . . . . {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ} روى الجمهور أن الرجل كان إذا أراد المبيت أو الحلول في وادٍ نادى بأعلى صوته : يا عزيز هذا الوادي إني أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك ، فيعتقد بذلك أن الجني الذي بالوادي يمنعه ويحميه . فروي أن الجن كانت تقول عند ذلك : لا نملك لكم ولا لأنفسنا من اللّه شيئاً . قال مقاتل : أول من تعوذ بالجن قوم من اليمن ، ثم بنو حنيفة ، ثم فشا ذلك في العرب . والظاهر أن الضمير المرفوع في { فَزَادوهُمْ } عائد على { رِجَالٌ مّنَ الإِنسِ } ، إذ هم المحدث عنهم ، وهو قول مجاهد والنخعي وعبيد بن عمير .{ فَزَادوهُمْ } أي الإنس ، { رَهَقاً } : أي جراءة وانتخاءً وطغياناً وغشيان المحارم وإعجاباً بحيث قالوا : سدنا الإنس والجن ، وفسر قوم الرهق بالإثم . وأنشد الطبري في ذلك بيت الأعشى : لا شيء ينفعني من دون رؤيتها لا يشتفي وامق ما لم يصب رهقاً قال معناه : ما لم يغش محرماً ، والمعنى : زادت الإنس الجن مأثماً لأنهم عظموهم فزادوهم استحلالاً لمحارم اللّه تعالى . وقال قتادة وأبو العالية والربيع وابن زيد : { فَزَادوهُمْ } ،أي الجن زادت الإنس مخافة يتخيلون لهم بمنتهى طاقتهم ويغوونهم لما رأوا من خفة أحلامهم ، فازدروهم واحتقروهم . وقال ابن جبير :{ رَهَقاً } : كفراً . وقيل : لا يطلق لفظ الرجال على الجن ، فالمعنى : وإنه كان رجال من الإنس يعوذون من شر الجن برجال من الإنس ، وكان الرجل يقول مثلاً : أعوذ بحذيفة بن اليمان من جن هذا الوادي ، وهذا قول غريب . |
﴿ ٦ ﴾