٢٣ثم أدبر واستكبر . {ثُمَّ أَدْبَرَ } : رجع مدبراً ، وقيل : أدبر عن الحق ، { وَاسْتَكْبَرَ } ،قيل : تشارس مستكبراً ، وقيل : استكبر عن الحق ، وصفه بالهيئات التي تشكل بها حين أراد أن يقول : ما قال كل ذلك على سبيل الاستهزاء ، وأن ما يقوله كذب وافتراء ، إذ لو كان ممكناً ، لكان له هيئات غير هذه من فرح القلب وظهور السرور والجذل والبشر في وجهه ، ولو كان حقاً لم يحتج إلى هذا الفكر لأن الحق أبلج يتضح بنفسه من غير إكداد فكر ولا إبطاء تأمّل . ألا ترى إلى ذلك الرجل وقوله حين رأي رسول صلى اللّه عليه وسلم ، فعلمت أن وجهه ليس بوجه كذاب ، وأسلم من فوره . وقيل : ثم نظر فيما يحتج به للقرآن ، فرأى ما فيه من الإعجاز والإعلام بمرتبة الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، ودام نظره في ذلك . { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } ، دلالة على تأنيه وتمهله في تأمّله ، إذ بين ذلك تراخ وتباعد . وكان العطف في { وَبَسَرَ } وفي { وَاسْتَكْبَرَ } ، لأن البسور قريب من العبوس ، فهو كأنه على سبيل التوكيد والاستكبار يظهر أنه سبب للادبار ، إذ الاستكبار معنى في القلب ، والإدبار حقيقة من فعل الجسم ، فهما سبب ومسبب ، فلا يعطف بثم ؛ وقدّم المسبب على السبب لأنه الظاهر للعين ، وناسب العطف بالواو ؛ وكان العطف في |
﴿ ٢٣ ﴾