سورة الدهر

مدنية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

هل أتى على . . . . .

الأمشاج : الاخلاط ، واحدها مشج بفتحتين ، أو مشج كعدل ، أو مشيج كشريف وأشراف ، قاله ابن الأعرابي ، وقال رؤبة

يطرحن كل معجل بساج

لم يكس جلداً من دم أمشاج

وقال الهذلي : كأن النصل والفوقين منها

خلاف الريش سيط به مشيج

وقال الشماخ : طوت أحشاء مرتجة لوقت

على مشج سلالته مهين

ويقال : مشج يمشج مشجاً إذا خلط ، ومشيج : كخليط ، وممشوج : كمخلوط . مزج الشيء بالشيء : خلطه ، وقال الشاعر : كأن سبيئة من بيت رأس

يكون مزاجها عسل وماء

استطار الشيء : انتشر ، وتقول العرب : استطار الصدع في القارورة وشبهها واستطال ، ومنه قول الشاعر : فبانت وقد أسأرت في الفؤا

د صدعاً على نأيها مستطيرا

وقال الفراء : مستطير : مستطيل .

ويقال : يوم قمطرير وقماطر واقمطرّ ، فهو مقمطر إذا كان صعباً شديداً ، وقال الزاجز : قد جعلت شبوة تزبئر

تكسو إستها لحماً وتقمطر

وقال الشاعر : ففرّوا إذا ما الحرب ثار غبارها

وبج بها اليوم الشديد القماطر

وقال الزجاج : القمطرير : الذي يعيش حتى يجتمع ما بين عينيه ،

ويقال : أقمطرت الناقة إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها ورمت بأنفها ، فاشتقه من القطر وجعل الميم زائدة ، وقال أسد بن ناعصة : واصطليت الحروب في كل يوم

باسد الشر قمطرير الصباح

واختلف في هذا الوزن ، وأكثر النحاة لا يثبت افمعلّ في أوزان الأفعال . الزمهرير : أشد البرد ، وقال ثعلب : هو القمر بلغة طي ، وأنشد قول الراجز :

وليلة ظلامها قد اعتكر

قطعتها والزمهرير ما زهر

القارورة : إناء رقيق صاف توضع فيه الأشربة ، قيل : ويكون من الزجاج . الزنجبيل ، قال الدينوري : نبت في أرض عمان عروق تسري وليس بشجر ، يؤكل رطباً ، وأجوده ما يحمل من بلاد الصين ، كانت العرب تحبه لأنه يوجب لذعاً في اللسان إذا مزج بالشراب فيتلذذون به ، قال الشاعر : كأن جنباً من الزنجبيل بات

بفيها وارياً مستورا

وقال المسيب بن علس :

وكأن طعم الزنجبيل به إذا ذقته وسلافة الخمر

السلسبيل والسلسل والسلسال : ما كان من الشراب غاية في السلاسة ، قاله الزجاج . وقال ابن الأعرابي : لم أسمع السلسبيل إلا في القرآن . ثم ظرف مكان للبعد .

هذه السورة مكية في قول الجمهور . وقال مجاهد وقتادة : مدنية . وقال الحسن وعكرمة : مدنية إلا آية واحدة فإنها مكية وهي :{ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءاثِماً أَوْ كَفُوراً}

وقيل : مدنية إلا من قوله :{ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ } الخ ، فإنه مكي ، حكاه الماوردي . ومناسبتها لما قبلها ظاهرة جدّاً لا تحتاج إلى شرح .

{هَلُ } حرف استفهام ، فإن دخلت على الجملة الاسمية لم يمكن تأويله بقد ، لأن قد من خواص الفعل ، فإن دخلت على الفعل فالأكثر أن تأتي للاستفهام المحض .

وقال ابن عباس وقتادة : هي هنا بمعنى قد . قيل : لأن الأصل أهل ، فكأن الهمزة حذفت واجتزىء بها في الاستفهام ، ويدل على ذلك قوله : سائل فوارس يربوع لحلتها

أهل رأونا بوادي النتّ ذي الأكم

فالمعنى : أقد أتى على التقدير والتقريب جميعاً ، أي أتى على الإنسان قبل زمان قريب حين من الدهر لم يكن كذا ، فإنه يكون الجواب : أتى عليه ذلك وهو بالحال المذكور . وما تليت عند أبي بكر ،

وقيل : عند عمر رضي اللّه تعالى عنهما قال : ليتها تمت ، أي ليت تلك الحالة تمت ، وهي كونه شيئاً غير مذكور ولم يخلق ولم يكلف . والإنسان هنا جنس بني

آدم ، والحين الذي مرّ عليه ، إما حين عدمه ،

وإما حين كونه نطفة . وانتقاله من رتبة إلى رتبة حتى حين إمكان خطابه ، فإنه في تلك المدة لا ذكر له ، وسمي إنساناً باعتبار ما صار إليه .

وقيل : آدم عليه الصلاة والسلام ، والحين الذي مر عليه هي المدة التي بقي فيها إلى أن نفخ فيه الروح .

وعن ابن عباس : بقي طيناً أربعين سنة ، ثم صلصالاً أربعين ، ثم حمأ مسنوناً أربعين ، فتم خلقه في مائة وعشرين سنة ، وسمي إنساناً باعتبار ما آل إليه . والجملة من { لَمْ يَكُنِ } في موضع الحال من الإنسان ، كأنه قيل : غير مذكور ، وهو الظاهر أو في موضع الصفة لحين ، فيكون العائد على الموصوف محذوفاً ، أي لم يكن فيه .

﴿ ١