| ٦عذرا أو نذرا فللملائكة تكون عذراً للمحققين ، أو نذراً للمبطلين ؛ وللرّياح يكون المعنى : فألقين ذكراً ، إما عذراً للذين يعتذرون إلى اللّه تعالى بتوبتهم واستغفارهم إذا رأوا نعمة اللّه في الغيث ويشكرونها ، وإما إنذاراً للذين يغفلون عن الشكر للّه وينسبون ذلك إلى الأنواء ، وجعلن ملقيات للذكر لكونهن سبباً في حصوله إذا شكرت النعمة فيهن ، أو كفرت ، قاله الزمخشري . والذي أراه أن المقسم به شيئان ، ولذلك جاء العطف بالواو في { والنَّاشِراتِ } ، والعطف بالواو يشعر بالتغاير ، بل هو موضوعه في لسان العرب . وأما العطف بالفاء إذا كان في الصفات ، فيدل على أنها راجعة إلى العاديات ، وهي الخيل ؛ وكقوله : يا لهف زيابة للحارث فالصا بح فالغانم فالآيب فهذه راجعة لموصوف واحد وهو الحارث . فإذا تقرر هذا ، فالظاهر أنه أقسم أولاً بالرياح ، فهي مرسلاته تعالى ، ويدل عليه عطف الصفة بالفاء ، كما قلنا ، وأن العصف من صفات الريح في عدّة مواضع من القرآن . والقسم الثاني فيه ترق إلى أشرف من المقسم به الأول وهم الملائكة ، ويكون { فَالْفَارِقَاتِ } ،{ فَالْمُلْقِيَاتِ } من صفاتهم ، كما قلنا في عطف الصفات وإلقاؤهم الذكر ، وهو ما أنزل اللّه ، يصح إسناده إليهم . وقرأ الجمهور :{ فَالْمُلْقِيَاتِ } اسم فاعل خفيف ، أي نطرقه إليهم ؛ وابن عباس : مشدد من التلقية ، وهي أيضاً إيصال الكلام إلى المخاطب . يقال : لقيته الذكر فتلقاه . وقرأ أيضاً ابن عباس ، فيما ذكره المهدوي : بفتح اللام والقاف مشددة اسم مفعول ، أي تلقته من قبل اللّه تعالى . وقرأ إبراهيم التيمي والنحويان وحفص :{ عُذْراً أَوْ نُذْراً } بسكون الذالين ؛ وزيد بن ثابت وابن خارجة وطلحة وأبو جعفر وأبو حيوة وعيسى والحسن : بخلاف ؛ والأعشى ، عن أبي بكر : بضمهما ؛ وأبو جعفر أيضاً وشيبة وزيد بن علي والحرميان وابن عامر وأبو بكر : بسكونها في عذراً وضمها في نذراً ، فالسكون على أنهما مصدران مفردان ، أو مصدران جمعان . فعذراً جمع عذير بمعنى المعذرة ، ونذراً جمع نذير بمعنى الإنذار . وانتصابهما على البدل من { ذِكْراً } ، كأنه قيل : فالملقيات عذراً أو نذراً ، أو على المفعول من أجله ، أو على أنهما مصدران في موضع الحال ، أي عاذرين أو منذرين . ويجوز مع الإسكان أن يكونا جمعين على ما قررناه . وقيل : يصح انتصاب { عُذْراً أَوْ نَذِيراً } على المفعول به بالمصدر الذي هو { ذِكْراً } ،أي فالملقيات ، أي فذكروا عذراً ، وفيه بعد لأن المصدر هنا لا يراد به العمل ، إنما يراد به الحقيقة لقوله :{ أَءلْقِىَ عَلَيْهِ الذّكْرُ} والإعذار هي بقيام الحجة على الخلق ، والإنذار هو بالعذاب والنقمة . | 
﴿ ٦ ﴾