١٠

قد أفلح من . . . . .

{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } ، قال الزجاج وغيره : هذا جواب القسم ، وحذفت اللام لطول الكلام ، والتقدير : لقد أفلح .

وقيل : الجواب محذوف تقديره لتبعثن .

وقال الزمخشري : تقديره ليدمدمن اللّه عليهم ، أي على أهل مكة ، لتكذيبهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً .

وأما { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } فكلام تابع لقوله :{ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } على سبيل الاستطراد ، وليس من جواب القسم في شيء ، انتهى . وزكاؤها : ظهورها ونماؤها بالعمل الصالح ، ودساها : أخفاها وحقرها بعمل المعاصي . والظاهر أن فاعل زكى ودسى ضمير يعود على من ، وقاله الحسن وغيره . ويجوز أن يكون ضمير اللّه تعالى ، وعاد الضمير مؤنثاً باعتبار المعنى من مراعاة التأنيث . وفي الحديث ما يشهد لهذا التأويل ، كان عليه السلام إذا قرأ هذه الآية قال : { اللّهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها} .

وقال الزمخشري :

وأما قول من زعم أن الضمير في زكى ودسى للّه تعالى ، وأن تأنيث الراجع إلى من لأنه في معنى النفس ، فمن تعكيس القدرية الذين يوركون على اللّه قدراً هو بريء منه ومتعال عنه ، ويحيون لياليهم في تمحل فاحشة ينسبونها إليه تعالى ، انتهى . فجرى على عادته في سب أهل السنة . هذا ، وقائل ذلك هو بحر العلم عبد اللّه بن عباس ، والرسول صلى اللّه عليه وسلم يقول : { وزكها أنت خير من زكاها} .

وقال تعالى :{ دَسَّاهَا } في أهل الخير بالرياء وليس منهم ؛ وحين قال :{ وَتَقْوَاهَا } أعقبه بقوله :{ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} ولما قال :{ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } ، أعقبه بأهل الجنة .

﴿ ١٠