٨فمن يعمل مثقال . . . . . والظاهر تخصيص العامل ، أي { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً } من السعداء ، لأن الكافر لا يرى خيراً في الآخرة ، وتعميم { وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً } من الفريقين ، لأنه تقسم جاء بعد قوله :{ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ} وقال ابن عباس : قال هذه الأعمال في الآخرة ، فيرى الخير كله من كان مؤمناً ، والكافر لا يرى في الآخرة خيراً لأن خيره قد عجل له في دنياه ، والمؤمن تعجل له سيآته الصغائر في دنياه في المصائب والأمراض ونحوها ، وما عمل من شر أو خير رآه . ونبه بقوله :{ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } على أن ما فوق الذرة يراه قليلاً كان أو كثيراً ، وهذا يسمى مفهوم الخطاب ، وهو أن يكون المذكور والمسكوت عنه في حكم واحد ، بل يكون المسكوت عنه بالأولى في ذلك الحكم ، كقوله :{ فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ} والظاهر انتصاب خيراً وشراً على التمييز ، لأن مثقال ذرة مقدار . وقيل : بدل من مثقال . وقرأ الجمهور : بفتح الياء فيهما ، أي يرى جزاءه من ثواب وعقاب . وقرأ الحسين بن علي وابن عباس وعبد اللّه بن مسلم وزيد بن علي والكلبي وأبو حيوة وخليد بن نشيط وأبان عن عاصم والكسائي في رواية حميد بن الربيع عنه : بضمها ؛ وهشام وأبو بكر : بسكون الهاء فيهما ؛ وأبو عمرو : بضمهما مشبعتين ؛ وباقي السبعة : بإشباع الأولى وسكون الثانية ، والإسكان في الوصل لغة حكاها الأخفش ولم يحكها سيبويه ، وحكاها الكسائي أيضاً عن بني كلاب وبني عقيل ، وهذه الرؤية رؤية بصر . وقال النقاش : ليست برؤية بصر ، وإنما المعنى يصيبه ويناله . وقرأ عكرمة : يراه بالألف فيهما ، وذلك على لغة من يرى الجزم بحذف الحركة المقدرة في حروف العلة ، حكاها الأخفش ؛ أو على توهم أن من موصولة لا شرطية ، كما قيل في أنه من يتقي ويصبر في قراءة من أثبت ياء يتقي وجزم يصبر ، توهم أن من شرطية لا موصولة ، فجزم ويصبر عطفاً على التوهم ، واللّه تعالى أعلم . |
﴿ ٨ ﴾