١٦٣قوله تعالى {إنا أوحينا إليك} هذا بناء على ما سبق من قوله {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء }(النساء-١٥٣) ، فلما ذكر اللّه عيوبهم وذنوبهم غضبوا وجحدوا كل ما أنزل اللّه عز وجل ، وقالوا ما أنزل اللّه على بشر من شيء ، فنزل {وما قدروا اللّه حق قدره إذ قالوا ما أنزل اللّه على بشر من شيء}(الأنعام -٩١) وأنزل{إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} فذكر عدة من الرسل الذين أوحى إليهم ، وبدأ بذكر نوح عليه السلام لأنه كان البشر مثل آدم عليه السلام ، قال اللّه تعالى {وجعلنا ذريته هم الباقي}(الصافات -٧٧) ولأنه أول نبي من أنبياء الشريعة، وأول نذير على الشرك، وأول من عذبت أمته لردهم دعوته ، وأهلك أهل الأرض بدعائه وكان أطول الأنبياء عمراً وجعلت معجزته في نفسه ، لأنه عمر ألف سنة فلم تسقط له سن ولم تشب له شعرة ولم تنتقص له قوة، ولم يصبر نبي على أذى قومه ما صبر هو على طول عمره . قوله تعالى { وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط }، وهم أولاد يعقوب، { وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا } ، قرأ الأعمش وحمزة {زبوراً} والزبور بضم الزاي حيث كان ، بمعنى جمع زبور ،أي آتينا داوود كتباً وصحفاً مزبورةً،أي مكتوبة ، وقرأ الآخرون بفتح الزاي وهو اسم الكتاب الذي أنزل اللّه تعالى على داوود عليه السلام ، وكان فيه التحميد والتمجيد والثناء على اللّه عز وجل، وكان داوود يبرز إلى البرية فيقوم ويقرأ الزبور ويقوم معه علماء بني إسرائيل، فيقومون خلفه ويقوم الناس خلف العلماء، ويقوم الجن خلف الناس، الأعظم فالأعظم ، والشياطين خلف الجن وتجيء الدواب التي في الجبال فيقمن بين يديه تعجباً لما يسمعن منه ، والطير ترفرف على رؤوسهم ، فلما قارف الذنب لم ير ذلك ، فقيل له ذاك أنس الطاعة، وهذا وحشة المعصية. أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أناأبو بكر الجوزقيأناأبو العباس أنايحيى بن زكرياأناالحسن بن حماد حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عنطلحة بن يحيى عن أبي بن أبي موسى عن أبيه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقراءتك لقد أعطيت مزماراً من مزامير آل داود}، فقال أما واللّه يا رسول اللّه لو علمت أنك تستمع لحبرته لحبرته وكان عمر رضي اللّه عنه إذا رآه يقول ذكرنا يا أبا موسى، فيقرأ عنده. |
﴿ ١٦٣ ﴾