٦٧

قوله عز وجل  { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } الآية ، روي عن مسروق قال  قالت عائشة رضي اللّه عنها من حدثك أن محمداً صلى اللّه عليه وسلم كتم شيئاً مما أنزل اللّه عليه فقد كذب ، وهو يقول  { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } الآية . روى الحسن  أن اللّه تعالى لما بعث رسوله ضاق ذرعاً وعرف أن من الناس من يكذبه ، فنزلت هذه الآية

وقيل  نزلت في عيب اليهود ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم دعاهم إلى الإسلام ، فقالوا أسلمنا قبلك وجعلوا يستهزؤون به ، فيقولون له  تريد أن نتخذك حناناً كما اتخذت النصارى عيسى بن مريم حناناً ، فلما رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك سكت فنزلت هذه الآية ، وأمره أن يقول لهم  { يا أهل الكتاب لستم على شيء } الآية .

وقيل  بلغ ما انزل إليك من الرجم والقصاص ، نزلت في قصة اليهود .

وقيل  نزلت في أمر زينب بنت جحش ونكاحها .

وقيل  في الجهاد ، وذلك أن المنافقين كرهوه ، كما

قال اللّه تعالى  { فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت } ( محمد-٢٠ ) وكرهه بعض المؤمنين

قال اللّه تعالى  { ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم } الآية ( النساء ، ٧٠ ) فكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يمسك في بعض الأحايين عن الحث على الجهاد لما يعلم من كراهة بعضهم ، فأنزل اللّه هذه الآية .

قوله تعالى  { وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } ، قرا أهل المدينة { رسالاته } ، على الجمع والباقون رسالته على التوحيد . ومعنى الآية  إن لم تبلغ الجميع وتركت بعضه ، فما بلغت شيئاً ، أي  جرمك في ترك تبليغ البعض كجرمك في ترك تبليغ الكل ، ك

قوله  { ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا } ( النساء ، ١٥٠-١٥١ ) اخبر أن كفرهم بالبعض محبط للإيمان بالبعض .

وقيل  بلغ ما أنزل إليك أي  أظهر تبليغه ، ك

قوله  { فاصدع بما تؤمر } ( الحجر ،٩٤ ) وإن لم تفعل  فإن لم تظهر تبليغه فما بلغت رسالته ، أمره بتبليغ ما أنزل إليه مجاهراً محتسباً صابراً ، غير خائف ، فإن أخفيت منه شيئاً لخوف يلحقك فما بلغت رسالته . { واللّه يعصمك من الناس }، يحفظك ويمنعك من الناس ، فإن قيل  أليس قد شج رأسه وكسرت رباعيته وأوذي بضروب من الأذى ؟ قيل  معناه يعصمك من القتل فلا يصلون إلى قتلك .

وقيل  نزلت هذه الآية بعد ما شج رأسه لأن سورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن .

وقيل  واللّه يخصك بالعصمة من بين الناس ، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم معصوم . { إن اللّه لا يهدي القوم الكافرين } ،

أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي أنا أحمد بن عبد اللّه النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن اسماعيل أنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري أنا سنان بن أبي سنان الدولي و ابو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد اللّه أخبره {أنه غزا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبل نجد ، فلما قفل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قفل معه وأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة ، فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر ، فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحت شجرة وعلق بها سيفه ونمنا نومة ، فإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعونا وإذا عنده أعرابي ،

فقال  إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم ، فاستيقظت وهو في يده صلتاً ،

فقال  من يمنعك مني ؟

فقلت  اللّه ( ثلاثاً) } ولم يعاقبه وجلس . وروى محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه {أن الأعرابي سل سيفه وقال  من يمنعك مني يا محمد قال  اللّه ، فرعدت يد الأعرابي وسقط السيف من يده وجعل يضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه ،

فأنزل اللّه تعالى هذه الآية }.

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد اللّه النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا إسماعيل بن خليل

أخبرنا علي بن مسهر أنا يحيى بن سعيد أنا عبد اللّه بن عامر بن ربيعة قال  سمعت عائشة رضي اللّه عنها تقول  {كان النبي صلى اللّه عليه وسلم سهر فلما قدم المدينة قال  ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة ، إذ سمعنا صوت سلاح ،

فقال  من هذا ؟ قال  أنا سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك ، فنام النبي صلى اللّه عليه وسلم } . وقال عبد اللّه بن شقيق عن عائشة رضي اللّه عنها قالت  {كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية } واللّه يعصمك من الناس { ، فأخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رأسه من القبة فقال لهم  أيها الناس انصرفوا فقد عصمني اللّه سبحانه وتعالى } .

﴿ ٦٧