٩٣

قوله عز وجل { ومن أظلم ممن افترى }، أي اختلق { على اللّه كذباً }، فزعم أن اللّه تعالى بعثه نبياً، { أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء }،

قال قتادة { نزلت في مسيلمة الكذاب الحنفي،وكان يسجع ويتكهن، فادعى النبوة وزعم أن اللّه أوحى إليه، وكان قد أرسل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رسولين، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لهما أتشهدان أن مسيلمة نبي ؟ قالا نعم، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما }.

أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أنا أبو طاهر الزيادي أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان أنا أحمد بن يوسف السلمي أنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه أنا أبو هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { بينما أنا نائم إذ أتيت خزائن الأرض فوضع في يدي سواران من ذهب، فكبرا علي وأهماني فأوحي إلى أن انفخهما، فنفختهما فذهبا، فأولتهما الكذابين اللذين أنا بينهما صاحب صنعاء وصاحب اليمامة } أراد بصاحب صنعاء الأسود العنسي وبصاحب اليمامة مسيلمة الكذاب.

قوله تعالى { ومن قال سأنزل مثل ما أنزل اللّه }، قيل نزلت في عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح وكان قد أسلم وكان يكتب للنبي صلى اللّه عليه وسلم وكان إذا أملى عليه سميعاً بصيراً، كتب عليماً حكيماً، وإذا قال عليماً حكيماً، كتب غفوراً رحيماً، فلما نزلت { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين }(المؤمنون،١٢)أملاها عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فعجب عبد اللّه من تفصيل خلق الإنسان، فقال تبارك اللّه أحسن الخالقين، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم اكتبها فهكذا نزلت،فشك عبد اللّه، وقال لئن كان محمد صادقاً فقد أوحى إلي كما أوحي إليه، فارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين، ثم رجع عبد اللّه إلى الإسلام قبل فتح مكة إذ نزل النبي صلى اللّه عليه وسلم بمر الظهران .

وقال ابن عباس قوله { ومن قال سأنزل مثل ما أنزل اللّه }، يريد المستهزئين، وهو جراب لقولهم { لو نشاء لقلنا مثل هذا }. قوله عز وجل { ولو ترى }، يا محمد، { إذ الظالمون في غمرات الموت }،سكراته وهي جمع غمرة،وغمرة كل شيء معظمة، وأصلها الشيء الذي [يعم ]الأشياء فيغطيها، ثم وضعت في موضع الشدائد والمكاره، { والملائكة باسطوا أيديهم }، بالعذاب والضرب، يضربون وجوههم وأدبارهم،

وقيل بقبض الأرواح، { أخرجوا }، أي يقولون أخرجوا، { أنفسكم }، أي أرواحكم كرهاً، لأن نفس المؤمن تنشط للقاء ربها، والجواب محذوف،يعني لو تراهم في هذه الحال لرأيت عجباً، { اليوم تجزون عذاب الهون }، أي الهوان، { بما كنتم تقولون على اللّه غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون }، تتعظمون عن الإيمان بالقرآن ولا تصدقونه.

﴿ ٩٣