٣٣{ وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون * وما لهم أن لا يعذبهم اللّه } . قوله تعالى { وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم } ، اختلفوا في معنى هذه الآية ، فقال محمد بن إسحاق هذا حكاية عن المشركين أنهم قالوها وهي متصلة بالآية الأولى، وذلك أنهم كانوا يقولون إن اللّه لا يعذبنا ونحن نستغفره ، ولا يعذب أمة ونبيها معها ، فقال اللّه تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم يذكر جهالتهم وغرتهم واستفتاحهم على أنفسهم { وإذ قالوا اللّهم إن كان هذا هو الحق من عندك } الآية ، وقالوا { وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون } ثم قال رداً عليهم { وما لهم أن لا يعذبهم اللّه }؟ وإن كنت بين أظهرهم وإن كانوا يستغفرون { وهم يصدون عن المسجد الحرام } . وقال الآخرون هذا كلام مستأنف يقول اللّه عز وجل إخباراً عن نفسه { وما كان اللّه ليعذبهم } واختلفوا في تأويلها، فقال الضحاك وجماعة تأويلها وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم مقيم بين أظهرهم ، قالوا أنزلت هذه الآية على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو مقيم في مكة ، ثم خرج من بين أظهرهم وبقيت بها بقية من المسلمين يستغفرون ، فأنزل اللّه تعالى { وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون } ، ثم خرج أولئك من بينهم فعذبوا، وأذن اللّه في فتح مكة ، فهو العذاب الذي وعدهم . قال ابن عباس رضي اللّه تعال عنهما لم يعذب اللّه قرية حتى يخرج النبي منها والذين آمنوا ويلحق بحيث أمر . فقال { وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون } يعني المسلمين فلما خرجوا قال اللّه تعالى { وما لهم أن لا يعذبهم اللّه } فعذبهم اللّه يوم بدر . وقال أبو موسى الأشعري كان فيكم أمانان { وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم } ، { وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون } فأما النبي صلى اللّه عليه وسلم فقد مضى والاستغفار كائن فيكم إلى يوم القيامة . وقال بعضهم هذا الاستغفار راجع إلى المشركين وذلك أنهم كانوا يقولون بعد الطواف غفرانك غفرانك . وقال يزيد بن رومان قالت قريش إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء ، فلما أمسوا ندموا على ما قالوا ، فقالوا غفرانك اللّهم ، فقال اللّه عز وجل { وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون } . وقال قتادة و السدي معناه وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون ، أي لو استغفروا، ولكنهم لم يكونوا يستغفرون ، ولو أنهم أقروا بالذنب ، واستغفروا ، لكانوا مؤمنين . وقيل هذا دعاء إلى الإسلام والاستغفار بهذه الكلمة ، كالرجل يقول لغيره لا أعاقبك وأنت تطيعني ، أي أطعني حتى لا أعاقبك . وقال مجاهد و عكرمة وهم يستغفرون أي يسلمون ،يقول لو أسلموا لم عذبوا . وروى الوالبي عن ابن عباس أي وفيهم من سبق له من اللّه أن يسلم ويؤمن ويستغفر ، وذلك مثل أبي سفيان ،وصفوان بن أمية ،وعكرمة بن أبي جهل ، وسهيل بن عمرو ، وحكيم بن حزام وغيرهم . وروى عبد الوهاب عن مجاهد وهم يستغفرون أي وفي أصلابهم من يستغفر . |
﴿ ٣٣ ﴾