٥

{قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك}، وذلك أن رؤيا الأنبياء عليهم السلام وحي فعلم يعقوب أن الأخوة إذا سمعوها حسدوه فأمره بالكتمان، {فيكيدوا لك كيدا}، فيحتالوا في إهلاكك لأنهم يعلمون تأويلها فيحسدونك. واللام في قوله {لك}صلة، ك

قوله تعالى {لربهم يرهبون} (الأعراف-١٥٤).

وقيل هو مثل قولهم نصحتك ونصحت لك، وشكرتك وشكرت لك. {إن الشيطان للإنسان عدو مبين}، أي يزين لهم الشيطان، ويحملهم على الكبد، لعداوته القديمة.

أخبرنا عبد الواحد بن المليحي، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي شريح، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي ابن الجعد، أنبأنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد قال سمعت أبا سلمة قال كنت أرى الرؤيا تهمني حتى سمعت أبا قتادة يقول كنت أرى الرؤيا فتمرضني، حتى سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، يقول {الرؤيا الصالحة من اللّه تعالى، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ باللّه من شرها، ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثا، ولا يحدث به أحدا فإنها لن تضر}.

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي شريح، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا شعبة عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن عدس، عن أبي رزين العقيلي، قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {الرؤيا جزء من أربعين أو ستة وأربعين جزءا من النبوة وهو على رجل طائر فإذا حدث بها وقعت، وأحسبه قال لا تحدث بها إلا حبيبا أو لبيبا}.

قوله عز وجل {وكذلك يجتبيك ربك}، يصطفيك ربك يقوله يعقوب ليوسف، أي كما رفع منزلتك بهذه الرؤيا، فكذلك يصطفيك ربك، {ويعلمك من تأويل الأحاديث}، يريد تعبير الرؤيا، سمي تأويلا لأنه يؤول أمره إلى ما رأى في منامه، والتأويل ما يؤول إلى عاقبة الأمر، {ويتم نعمته عليك}، يعني بالنبوة، {وعلى آل يعقوب}، أي على أولاده فإن أولاده كلهم كانوا أنبياء، {كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق}، فجعلهما نبيين، {إن ربك عليم حكيم}.

وقيل المراد من إتمام النعمة على إبراهيم الخلة.

وقيل إنجاؤه من النار، وعلى إسحاق إنجاؤه من الذبح.

وقيل بإخراج يعقوب والأسباط من صلبه. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما كان بين رؤيا يوسف هذه وبين تحقيقها بمصير أبويه وإخوته إليه أربعون سنة، وهو قول أكثر أهل التفسير. وقال الحسن البصري كان بينهما ثمانون سنة. فلما بلغت هذه الرؤيا إخوة يوسف حسدوه وقالوا ما رضي أن يسجد له إخوته حتى يسجد له أبواه فبغوه.

﴿ ٥