٨٢

قوله عز وجل  { وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة } ، وكان اسمهما أصرم وصريم ، { وكان تحته كنز لهما } ، اختلفوا في ذلك الكنز ، اختلفوا في ذلك الكنز  روي عن أبي الدرداء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال  ( كان ذهباً وفضه ) .

وقال عكرمة  كان مالاً . وعن سعيد بن جبير  كان الكنز صحفاً فيها علم . وعن ابن عباس  أنه قال كان لوحاً من ذهب مكتوباً فيه  ( عجباً لمن أيقن الموت كيف يفرح ! عجباً لمن أيقن الحساب كيف يغفل ! عجباً لمن أيقن بالرزق كيف يتعب ! عجباً لمن أيقن بالقدر كيف ينصب ! عجباً لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ! لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه ) . وفي الجانب الآخر مكتوب  ( أنا اللّه لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ، خلقت الخير والشر ، فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه والويل لمن خلقته للشر وأجريته على يديه ) وهذا قول أكثر المفسرين . وروي أيضاً ذلك مرفوعاً . قال الزجاج  الكنز إذا أطلق ينصرف إلى كنز المال ، ويجوز عند التقييد أن يقال عنده كنز علم ، وهذا اللوح كان جامعاً لهما . { وكان أبوهما صالحاً } ، قيل  كان اسمه ( كاسح ) وكان من الأتقياء .

قال ابن عباس  حفظا بصلاح أبويهما .

وقيل  كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة آباء . قال محمد بن المنكدر  إن اللّه يحفظ بصلاح العبد ولده [ وولد ولده ] ، وعترته وعشيرته وأهل دويرات حوله ، فما يزالون في حفظ اللّه ما دام فيهم . قال سعيد بن المسيب  إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي .

قوله عز وجل  { فأراد ربك أن يبلغا أشدهما } ، أي  يبلغا ويعقلا .

وقيل  أن يدركا شدتهما وقوتهما.

وقيل  ثمان عشرة سنة . { ويستخرجا } حينئذ { كنزهما رحمة ً } ، نعمة ، { من ربك } . { وما فعلته عن أمري } ، أي باختياري ورأيي ، بل فعلته بأمر اللّه وإلهامه ، { ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبراً } ، أي لم تطق عليه صبراً ، و ( استطاع ) و ( اسطاع ) بمعنى واحد . روي أن موسى لما أراد أن يفارقه قال له  أوصني ، قال  لا تطلب العلم لتحدث به واطلبه لتعمل به .

واختلفوا في أن الخضر حي أم ميت ؟ قيل  إن الخضر و إلياس حيان يلتقيان كل سنة بالموسم . وكان سبب حياته فيما يحكى أنه شرب من عين الحياة ، وذلك أن ذا القرنين دخل الظلمات لطلب عين الحياة . وكان الخضر على مقدمته ، فوقع الخضر على العين فنزل واغتسل وتوضأ وشرب وصلى شكراً للّه عز وجل ، وأخطأ ذو القرنين الطريق فعاد . وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم بعدما صلى العشاء ليلة  { أرأيتكم ليلتكم هذه ؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم حي على ظهر الأرض أحد } ولو كان الخضر حياً لكان لا يعيش بعده .

﴿ ٨٢