٢٣قوله عز وجل { اللّه نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً }، يشبه بعضه بعضاً في الحسن، ويصدق بعضه بعضاً ليس فيه تناقض ولا اختلاف. { مثاني }، يثنى فيه ذكر الوعد والوعيد، والأمر والنهي، والأخبار والأحكام، { تقشعر }، تضطرب وتشمئز، { منه جلود الذين يخشون ربهم }، والاقشعرار تغير في جلد الإنسان عند الوجل والخوف، وقيل المراد من الجلود القلوب، أي قلوب الذين يخشون ربهم، { ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه }، أي لذكر اللّه، أي إذا ذكرت آيات العذاب اقشعرت جلود الخائفين للّه، وإذا ذكرت آيات الرحمة لانت وسكنت قلوبهم، كما قال اللّه تعالى { ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب } (الرعد-٢٨). وحقيقة المعنى أن قلوبهم تقشعر عند الخوف، وتلين عند الرجاء. أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد ، حدثنا موسى بن محمد بن علي ، حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أم كلثوم بنت العباس، عن العباس بن عبد المطلب قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { إذا اقشعر جلد العبد من خشية اللّه تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها }. أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد ، حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدثنا موسى بن إسحاق الأنصاري ، حدثنا محمد بن معاوية، حدثنا الليث بن سعد، حدثنا يزيد بن عبد اللّه بن الهاد بهذا الإسناد، وقال (( إذا اقشعر جلد العبد من خشية اللّه على النار )). قال قتادة هذا نعت أولياء نعتهم بأن تقشعر جلودهم وتطمئن قلوبهم بذكر اللّه، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم، إنما ذلك في أهل البدع، وهو من الشيطان. أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه ، حدثنا بن شيبة ، حدثنا حمدان بن داود ، حدثنا سلمة بن شيبة، حدثنا خلف بن سلمة، حدثنا هشيم عن حصين عن عبد اللّه بن عروة بن الزبير قال قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر كيف كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن؟ قالت كانوا كما نعتهم اللّه عز وجل تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم، قال فقلت لها إن ناساً اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خر أحدهم مغشياً عليه، فقالت أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم. وبه عن [سليمان بن] سلمة حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي أن ابن عمر مر برجل من أهل العراق ساقطاً فقال ما بال هذا؟ قالوا إنه إذا قرئ عليه القرآن أو سمع ذكر اللّه سقط، قال ابن عمر إنا لنخشى اللّه وما نسقط! وقال ابن عمر إن الشيطان ليدخل في جوف أحدهم، ما كان هذا صنيع أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم. وذكر عن ابن سيرين الذين يصرعون إذا قرئ عليهم القرآن؟ [فقال بيننا وبينهم أن يقعد أحدهم على ظهر بيت باسطاً رجليه ثم يقرأ عليه القرآن] من أوله إلى آخره، فإن رمى بنفسه فهو صادق. { ذلك }، يعني أحسن الحديث، { هدى اللّه يهدي به من يشاء ومن يضلل اللّه فما له من هاد }. |
﴿ ٢٣ ﴾