٤{فمن لم يجد}، يعني الرقبة، {فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا}. فإن كانت له رقبة إلا أنه محتاج إلى خدمته، أو له ثمن رقبة لكنه محتاج إليه لنفقته ونفقة عياله فله أن ينتقل إلى الصوم. وقال مالك والأوزاعي يلزمه الإعتاق إذا كان واجداً للرقبة أو ثمنها وإن كان محتاجاً إليه. وقال أبو حنيفة إن كان واجداً لعين الرقبة يجب عليه إعتاقها، وإن كان محتاجاً إليها، فأما إذا كان واجداً لثمن الرقبة وهو محتاج إليه فله أن يصوم، فلو شرع المظاهر في صوم شهرين ثم جامع في خلال الشهر بالليل يعصي اللّه تعالى بتقديم الجماع على الكفارة، ولكن لا يجب عليه استئناف الشهرين، وعند أبي حنيفة يجب عليه استئناف الشهرين. قوله عز وجل {فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً}، يعني المظاهر إذا لم يستطع الصوم لمرض أو كبر أو فرط شهوة لا يصبر عن الجماع يجب عليه إطعام ستين مسكيناً. أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن الفضل الخرقي، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد اللّه الطيسفوني، أخبرنا عبد اللّه بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن أبي حرملة، عن عطاء بن يسار {أن خولة بنت ثعلبة كانت تحت أوس بن الصامت، فظاهر منها وكان به لمم، فجاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت إن أوساً ظاهر مني، وذكرت أن به لمماً فقالت والذي بعثك بالحق ما جئتك إلا رحمة له إن له في منافع، فأنزل اللّه القرآن فيهما. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مريه فليعتق رقبة، قالت والذي بعثك بالحق ما عنده رقبة ولا ثمنها، قال مريه فليصم شهرين متتابعين، فقالت والذي بعثك بالحق لو كلفته ثلاثة أيام ما استطاع، قال مريه فليطعم ستين مسكيناً، قالت والذي بعثك بالحق ما يقدر عليه، قال مريه فليذهب إلى فلان ابن فلان فقد أخبرني أن عنده شطر تمر صدقةً، فليأخذه صدقة عليه ثم ليتصدق به على ستين مسكيناً}. وروى سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال كنت امرأ أصيب من النساء ما لم يصب غيري فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئاً فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينما هي تحدثني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فلم ألبث أن وقعت عليها، فانطلقت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته فقال أنت بذاك، فقلت أنا بذاك -قاله ثلاثاً- قلت أنا بذاك وها أنا ذا فأمض في حكم اللّه، فإني صابر لذلك، قال فاعتق رقبة. فضربت صفحة عنقي بيدي فقلت لا والذي بعثك بالحق ما أملك غيرها، قال فصم شهرين متتابعين، فقلت يا رسول اللّه وهل أصابني ما أصابني إلا من الصيام؟ قال فأطعم ستين مسكيناً، قلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشين، ما لنا عشاء، قال اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك، فأطعم عنك منها وسقاً ستين مسكيناً، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك. قال فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم السعة والبركة، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي، قال فدفعوها إليه. {ذلك لتؤمنوا باللّه ورسوله}، لتصدقوا ما أتى به الرسول صلى اللّه عليه وسلم من اللّه عز وجل، {وتلك حدود اللّه}، يعني ما وصف من الكفارات في الظهار، {وللكافرين عذاب أليم}، قال ابن عباس لمن جحده وكذب به. |
﴿ ٤ ﴾