٣١

وقوله تعالى قل إن كنتم تحبون اللّه فاتبعوني الآية قال الشيخ العارف باللّه ابن أبي جمرة رضي اللّه عنه من علامة السعادة للشخص أن يكون معتنيا بمعرفة السنة في جميع تصرفاته والذي يكون كذلك هو دائم في عبادة في كل حركاته وسكناته وهذا هو طريق أهل الفضل حتى حكي عن بعضهم أنه لم يأكل البطيخ سنين لما لم يبلغه كيفية السنة في أكله وكيف لا واللّه سبحانه يقول قل إن كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه والاتباعية الكاملة إنما تصح بأن تكون عامة في كل الأشياء يعني إلا ما خصصه به الدليل جعلنا اللّه من أهلها في الدارين انتهى قال ع قال الحسن بن أبي الحسن وابن جريج أن قوما على عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم قالوا يا محمد إنا نحب ربنا فنزلت هذه الآية

وقيل أمر صلى اللّه عليه ولم أن يقول هذا القول لنصارى نجران قال ع ويحتمل أن تكون الآية عامة لأهل الكتاب اليهود والنصارى لأنهم كانوا يدعون أنهم يحبون اللّه ويحبهم قال عياض أعلم أن من أحب شيئا آثره وآثر موافقته وإلا لم يكن

صادقا في حبه وكان مدعيا فالصادق في حب النبي صلى اللّه عليه وسلم من تظهر علامات ذلك عليه وأولها الاقتداء به واتباع سنته واتباع أقواله وأفعاله والتأدب بآدابه في عسره ويسره

قال تعالى قل إن كنتم تحبون اللّه فاتبعوني الآية قال عياض روي في الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال من استمسك بحديثي وفهمه وحفظه جاء مع القرآن ومن تهاون بالقرآن وحديثي خسر الدنيا والآخرة الحديث وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال المستمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر مائة شهيد وقال أبي بن كعب عليكم بالسبيل والسنة فإنه ما على الأرض من عبد على السبيل والسنة ذكر اللّه في نفسه ففاضت عيناه من خشية ربه فيعذبه اللّه ابدا وما على الأرض من عبد على السبيل والسنة ذكر اللّه في نفسه فاقشعر جلده من خشية اللّه إلا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها فهي كذلك إذ أصابتها ريح شديدة فتحات عنها ورقها إلا حط اللّه عنه خطاياه كما تحات عن الشجرة ورقها الحديث قال عياض ومن علامات محبته صلى اللّه عليه و سلم زهد مدعيها في الدنيا وإيثاره الفقر واتصافه به ففي حديث ابي سعيد أن الفقر إلى من يحبني منكم أسرع من السيل من أعلى الوادي  الجبل إلى أسفله وفي حديث عبد اللّه بن مغفل قال رجل للنبي صلى اللّه عليه وسلم يا رسول اللّه إني أحبك فقال أنظر ما تقول قال واللّه إني لأحبك ثلاث مرات قال إن كنت تحبني فاعد للفقر تجفافا ثم ذكر نحو حديث ابي سعيد بمعناه أ ه من الشفا قال ع والمحبة إرادة يقترن بها إقبال من النفس وميل بالمعتقد وقد تكون الإرادة المجردة فيما يكره المريد واللّه تعالى يريد وقوع الكفر ولا يحبه ومحبة العبد للّه تعالى يلزم عنها ولا بد أن يطيعه ومحبة اللّه تعالى أمارتها للمتأمل أن يرى العبد مهديا مسددا

ذا قبول في الأرض فلطف اللّه تعالى بالعبد ورحمته إياه هي ثمرة محبته وبهذا النظر يفسر لفظ المحبة حيث وقعت من كتاب اللّه عز و جل

﴿ ٣١