١٨٠

وقوله سبحانه ولا يحسبن الذين يبخلون بما ءاتاهم اللّه من فضله الآية قال السدي وجماعة من المتأولين الآية نزلت في البخل بالمال والإنفاق في سبيل اللّه واداء الزكاة المفروضة ونحو ذلك قال ومعنى سيطوقون

ما بخلوا به هو الذي ورد في الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل عنده فيبخل عليه إلا أخرج له يوم القيامة شجاع من النار يتلمظ حتى يطوقه قلت وفي البخاري وغيره عنه صلى اللّه عليه و سلم قال من آتاه اللّه مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية ولا يحسبن الذين يبخلون بما ءاتاهم اللّه من فضله الآية قلت وأعلم أنه قد وردت آثار صحيحة بتعذيب العصاة بنوع ما عصوا به كحديث من قتل نفسه بحديدة فهو يجأ نفسه بحديدته في نار جهنم والذي قتل نفسه بالسم فهو يتحساه في نار جهنم ونحو ذلك قال الغزالي في الجواهر وأعلم أن المعاني في عالم الآخرة تستتبع الصور ولا تتبعها فيتمثل كل شيء بصورة توازي معناه فيحشر المتكبرون في صور الذر يطأهم من أقبل وأدبر والمتواضعون أعزاء انتهى وهو كلام صحيح يشهد له صحيح الآثار ويؤيده النظر والإعتبار اللّهم وفقنا لما تحبه وترضاه

قال ابن العربي في أحكامه قال علماؤنا البخل منع الواجب والشح منع المستحب والصحيح المختار أن هذه الآية في الزكاة الواجبة لأن هذا وعيد لمانعيها والوعيد إذا اقترن بالفعل المأمور به  المنهي عنه اقتضى الوجوب  التحريم انتهى وتعميمها في جميع انواع الواجب أحسن

وقوله سبحانه وللّه ميراث السموات والأرض خطاب على ما يفهمه البشر دال على فناء الجميع وأنه لا يبقى مالك إلا اللّه سبحانه

﴿ ١٨٠