٥وقوله سبحانه فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حكم مباين للأول حكم به في المشركين الذين لا عهد لهم البتة فجاء أجل تأمينهم خمسين يوما أولها يوم الأذان وآخرها انقضاء المحرم وقوله إلا الذين عاهدتم يريد به الذين لهم عهد ولم ينقضوا ولا تحسس منهم نقض وهم فيما روي بنو ضمرة من كنانة كان بقي من عهدهم يوم الأذان تسعة أشهر وقوله عز و جل وأعلموا أنكم غير معجزي اللّه أي لا تفلتون اللّه ولا تعجزونه هربا وقوله واذان من اللّه ورسوله الآية أي إعلام ويوم الحج الأكبر قال عمر وغيره هو يوم عرفة وقال أبو هريرة وجماعة هو يوم النحر وتظاهرت الروايات أن عليا أذن بهذه الآيات يوم عرفة إثر خطبة أبي بكر ثم رأى أنه لم يعم الناس بالإسماع فتتبعهم بالاذان بها يوم النحر وفي ذلك اليوم بعث أبو بكر من يعينه في الاذان بها كأبي هريرة وغيره وتتبعوا بها أيضا أسواق العرب كذى المجاز وغيره وهذا هو سبب الخلاف فقالت طائفة يوم الحج الأكبر عرفة حيث وقع الاذان وقالت أخرى هو يوم النحر حيث وقع إكمال الاذان وقال سفيان ابن عيينة المراد باليوم أيام الحج كلها كما تقول يوم صفين ويوم الجمل ويتجه أن يوصف بالأكبر على جهة المدح لا بالإضافة إلى أصغر معين بل يكون المعنى الأكبر من سائر الأيام فتأمله واختصار ما تحتاج إليه هذه الآية على ما ذكر مجاهد وغيره من صورة تلك الحال أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم افتتح مكة سنة ثمان فاستعمل عليها عتاب بن أسيد وقضى أمر حنين والطائف وانصرف إلى المدينة فأقام بها حتى خرج إلى تبوك ثم أنصرف من تبوك في رمضان سنة تسع فأراد الحج ثم نظر في أن المشركين يحجون في تلك السنة ويطوفون عراة فقال لا أريد أن أرى ذلك فأمر أبا بكر على الحج بالناس وأنفذه ثم أتبعه علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه على ناقته العضباء وأمره أن يؤذن في الناس بأربعين آية صدر صورة براءة وقيل ثلاثين وقيل عشرين وفي بعض الروايات عشر آيات وفي بعضها تسع آيات وأمره أن يؤذن الناس بأربعة أشياء وهي أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة وفي بعض الروايات ولا يدخل الجنة كافر ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول اللّه عهد فهو إلى مدته وفي بعض الروايات ومن كان بينه وبين رسول اللّه عهد فأجله أربعة أشهر يسيح فيها فإذا انقضت فإن اللّه بريء من المشركين ورسوله قال ع وأقول أنهم كانوا ينادون بهذا كله فأربعة أشهر للذين لهم عهد وتحسس منهم نقضه والإبقاء إلى المدة لمن لم يخبر منه نقض وذكر الطبري أن العرب قالت يومئذ نحن نبرأ من عهدك ثم لام بعضهم بعضا وقالوا ما تصنعون وقد أسلمت قريش فأسلموا كلهم ولم يسح أحد قال ع وحينئذ دخل الناس في دين اللّه أفواجا وقوله سبحانه إن اللّه بريء من المشركين ورسوله أي ورسوله بريء منهم وقوله فإن تبتم أي عن الكفر |
﴿ ٥ ﴾