٧٧

قوله تعالى فاعقبهم نص في العقوبة على الذنب بما هو أشد منه

قوله إلى يوم يلقونه يقتضي موافاتهم على النفاق

قال ابن العربي في ضمير يلقونه قولان أحدهما أنه عائد على اللّه تعالى

والثاني أنه عائد على النفاق مجازا على تقدير الجزاء كأنه قال فاعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه جزاءه انتهى من الأحكام ويلمزون معناه ينالون بالسنتهم واكثر الروايات في سبب نزول الآية أن عبد الرحمن بن عوف تصدق بأربعة آلاف وامسك مثلها

وقيل هو عمر بن الخطاب تصدق بنصف ماله

وقيل عاصم بن عدي تصدق بمائة وسق فقال المنافقون ما هذا إلا رياء فنزلت الآية في هذا كله وأما المتصدق بقليل فهو أبو عقيل تصدق بصاع من تمر فقال بعضهم إن اللّه غني عن صاع أبي عقيل وخرجه البخاري

وقيل أن الذي لمز في القليل هو أبو خيثمة قاله كعب بن مالك

فيسخرون منهم معناه يستهزءون ويستخفون

وروى مسلم عن جرير بن عبد اللّه قال كنت عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

في صدر النهار قال فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة إلى آخر الآية إن اللّه كان عليكم رقيبا والآية التي في سورة الحشر واتقوا اللّه ولتنظر نفس ما قدمت لغد تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمره قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء انتهى

﴿ ٧٧