١١١وقوله عز و جل إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة الآية هذه الآية نزلت في البيعة الثالثة وهي بيعة العقبة الكبرى وهي التي أناف فيها رجال الأنصار على السبعين وذلك أنهم اجتمعوا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم عند العقبة فقالوا اشترط لك ولربك والمتكلم بذلك عبد اللّه بن رواحة فاشترط نبي اللّه حمايته مما يحمون منه أنفسهم واشترط لربه التزام الشريعة وقتال الأحمر والأسود في الدفع عن الحوزة فقالوا ما لنا على ذلك يا نبي اللّه فقال الجنة فقالوا نعم ربح البيع لا تقيل ولا تقال وفي بعض الروايات ولا نستقيل فنزلت الآية في ذلك وهكذا نقله ابن العربي في أحكامه عن عبد اله بن رواحة ثم ذكر من طريق الشعبي عن أبي إمامة اسعد بن زرارة نحو كلام ابن رواحة قال ابن العربي وهذا وإن كان سنده مقطوعا فإن معناه ثابت من طرق انتهى ثم الآية بعد ذلك عامة في كل من جاهد في سبيل اللّه من أمة صلى اللّه عليه وسلم إلى يوم القيامة قال بعض العلماء ما من مسلم إلا واللّه في عنقه هذه البيعة وفي بها لم يف وفي الحديث أن فوق كل بر برا حتى يبذل العبد دمه فإذا فعل فلا بر فوق ذلك واسند الطبري عن كثير من أهل العلم أنهم قالوا ثامن اللّه تعالى في هذه الآية عبادة فأغلى لهم وقاله ابن عباس وغيره وهذا تأويل الجمهور وقال ابن عيينة معنى الآية اشترى منهم أنفسهم ألا يعملوها إلا في طاعته وأموالهم ألا ينفقوها إلا في سبيله فالآية على هذا أعم من القتل في سبيل اللّه وقوله يقاتلون في سبيل اللّه على تأويل ابن عيينة مقطوع ومستأنف وأما على تأويل الجمهور من أن الشراء والبيع إنما هو مع المجاهدين فهو في موضع الحال وقوله سبحانه عدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن قال المفسرون يظهر من قوله في التوراة والإنجيل والقرآن أن كل أمة أمرت بالجهاد ووعدت عليه قال ع ويحتمل أن ميعاد أمة نبينا صلى اللّه عليه وسلم تقدم ذكره في هذه الكتب واللّه أعلم قال ص وقوله فاستبشروا ليس للطلب بل بمعنى ابشروا كاستوقد قال أبو عمر بن عبد البر في كتابه المسمى ببهجة المجالس وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال من وعده اللّه على عمل ثوابا فهو منجز له ما وعده ومن اوعده على عمل عقابا فإن شاء عذبه وإن شاء غفر له وعن ابن عباس مثله انتهى وباقي الآية بين قال الفخر واعلم أن هذه الآية مشتملة على أنواع من التأكيدات فأولها قوله سبحانه إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم فكون المشتري هو اللّه المقدس عن الكذب والحيلة من أدل الدلائل على تأكيد هذا العهد والثاني أنه عبر عن إيصال هذا الثواب بالبيع والشراء وذلك حق مؤكد وثالثهما قوله وعدا ووعد اللّه حق ورابعها قوله عليه وكلمة على للوجوب وخامسها قوله حقا وهو تأكيد للتحقيق وسادسها قوله في التوراة والإنجيل والقرآن وذلك يجري مجرى إشهاد جميع الكتب الإلهية وجميع الأنبياء والمرسلين على هذه المبايعة وسابعها قوله ومن أوفى بعهده من اللّه وهو غاية التأكيد وثامنها قوله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وهو أيضا مبالغة في التأكيد وتاسعها قوله وذلك هو الفوز وعاشرها قوله العظيم فثبت اشتمال هذه الآية على هذه الوجوه العشرة في التأكيد والتقرير والتحقيق انتهى |
﴿ ١١١ ﴾