١٦

وقوله سبحانه ولقد جلعنا في السماء بروجا البروج المنازل وأحدها برج وسمي بذلك لظهوره ومنه تبرج المرأة ظهورها وبدوها وحفظ السماء هو بالرجم بالشهب على ما تضمنته الأحاديث الصحاح قال النبي صلى اللّه عليه وسلم أن الشياطين تقرب من السماء أفواجا قال فينفرد المارد منها فيعلوا فيسمع فيرمى بالشهاب فيقول لأصحابه أنه من الأمر كذا وكذا فيزيد الشياطين في ذلك ويلقون إلى الكهنة فيزيدون مع الكلمة مائة ونحو هذا الحديث وإلا بمعنى لكن ويظهر أن الأستثناء من الحفظ وقال محمد بن يحي عن أبيه إلا من استرق السمع فإنها لم تحفظ منه

وقوله موزون قال الجمهور معناه مقدر محرر بقصد وأرادة فالوزن على هذا مستعار وقال ابن زيد المراد ما يوزن حقيقة كالذهب والفضة وغير ذلك مما يوزن والمعايش جمع معيشة

وقوله ومن لستم له برازقين يحتمل أن يكون عطفا على معايش كأن اللّه تعالى عدد النعم في المعايش وهي ما يؤكل ويلبس ثم عدد النعم في الحيوان والعبيد وغير ذلك مما ينتفع به الناس وليس عليهم رزقهم

وقوله تعالى وأن من شيء إلا عندنا خزائنه قال ابن جريج هو المطر خاصة قال ع وينبغي أن يكون أعم من هذا في كثير من المخلوقات

وقوله سبحانه وأرسلنا الرياح لواقح أي ذات لقح يقال لقحت الناقة والشجر فهي لاقحة إذا حملت فالوجه في الريح ملحقة لا لاقحة وقال الداودي وعن ابن عمر الرياح ثمان أربع رحمة وأربعة عذاب فالرحمة

المرسلات المبشرات والناشرات والذاريات وأما العذاب فالصرصر والعقيم والقاصف والعاصف وهما في البحرانتهى

وقوله جلت عظمته وإنا لنحن نحي ونميت الآيات هذه الآيات مع الآيات التي قبلها تضمنت العبرة والدلالة على قدرة اللّه تعالى وما يوجب توحيده وعبادته المعنى وإنا لنحن نحي من نشاء بإخراجه من العدم إلى وجود الحياة ونميت بإزالة الحياة عمن كان حيا ونحن الوارثون أي لا يبقى شيء سوانا وكل شيء هالك إلا وجهه لا رب غيره ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين أي من لدن آدم إلى يوم القيامة

قال ابن العربي في أحكامه روى الترمذي وغيره في سبب نزول هذه الآية عن ابن عباس أنه قال كانت امرأة تصلي خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال ابن عباس ولا واللّه ما رأيت مثلها قط قال فكان بعض المسلمين إذا صلوا تقدموا وبعضهم يستأخر فإذا سجدوا نظروا إليها من تحت أيديهم فأنزل اللّه الآية ثم

قال ابن العربي في شرح المراد بهذه الآية خمسة أقوال

أحدها هذا القول الثاني المتقدمين في الخلق إلى اليوم والمتأخرين الذين لم يخلقوا بعد بيان أن اللّه يعلم الموجود والمعدوم قاله قتادة وجماعة الثالث من مات ومن بقي قاله ابن عباس أيضا الرابع المستقدمين سائر الأمم والمستأخرين أمة سيدنا صلى اللّه عليه وسلم قاله مجاهد الخامس قال الحسن معناه المتقدمين في الطاعة والمستأخرين في المعصية انتهى ت والحديث المتقدم أن صح فلا بد من تأويله فإن الصحابة ينزهون عن فعل ماذكر فيه فيؤول بأن ذلك صدر من بعض المنافقين  بعض الأعراب الذين قرب عهدهم بالإسلام ولم يرسخ الإيمان في قلوبهم وأما ابن عباس فإنه كان يومئذ صغيرا بلا شك هذا إن كانت الآية مدنية فإن كانت مكية فهو يومئذ في سن الطفولية وبالجملة فالظاهر ضعف هذا الحديث من وجوه انتهى وباقي الآية بين

ولقد

خلقنا الإنسان يعني آدم قال ابن عباس خلق من ثلاثة من طين لازب وهو اللازق الجيد ومن صلصال وهو الأرض الطيبة يقع عليها الماء ثم ينحسر فتشقق وتصير مثل الخزف ومن حماء مسنون وهو الطين فيه الحمأة والمسنون قال معمر هو المنتن وهو من أسن الماء إذا تغير ورد من جهة التصريف

وقيل غير هذا وفي الحديث أن اللّه تعالى عز و جل خلق آدم من جميع أنواع التراب الطيب والخبيث والأسود والأحمر

وقوله والجان يراد به جنس الشياطين وسئل وهب بن منبه عنهم فقال هم أجناس قال ع والمراد بهذه الخلقة إبليس أبو الجن

وقوله من قبل لأن إبليس خلق قبل آدم بمدة والسموم في كلام العرب افراط الحر حتى يقتل من نار  شمس  ريح وأما أضافة النار إلى السموم في هذه الآية فيحتمل أن تكون النار انواعا ويكون السموم أمرا يختص بنوع منها فتصح الإضافة حينئذ وإن لم يكن هذا فيخرج هذا على قولهم مسجد الجامع ودار الاخرة علىحذف مضاف

﴿ ١٦