٩وقوله سبحانه وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أجد على النار هدى هذا الاستفهام توقيف مضمنه تنبيه النفس إلى استماع ما يورد عليها وهذا كما تبدأ الرجل إذا أردت أخباره بأمر غريب فتقول أعلمت كذا وكذا ثم تبدأ تخبره وكان من قصة موسى عليه السلام أنه رحل من مدين بأهله بنت شعيب عليه السلام وهو يريد أرض مصر وقد طالت مدة جنايته هنالك فرجا خفاء أمره وكان فيما يزعمون رجلا غيورا فكان يسير الليل بأهله ولا يسير بالنهار مخافة كشفه الناس فضل عن طريقه في ليلة مظلمة فبينما هو كذلك وقد قدح بزنده فلم يور شيئا إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا أي أقيموا وذهب هو إلى النار فإذا هي مضطرمة في شجرة خضراء يانعة قيل كانت من عناب وقيل من عوسج وقيل من عليق فكلما دنا منها تباعدت منه ومشت فإذا رجع عنها اتبعته فلما رأى ذلك أيقن أن هذا من أمور اللّه الخارقة للعادة ونودي وانقضى أمره كله في تلك الليلة هذا قول الجمهور وهو الحق وما حكي عن ابن عباس أنه قال أقام في ذلك الأمر حولا فغير صحيح عن ابن عباس وآنست معناه أحسست والقبس الجذوة من النار تكون على رأس العود والهدى أراد هدى الطريق أي لعلي أجد مرشدا لي دليلا وفي قصة موسى بأسرها في هذه السورة تسلية للنبي صلى اللّه عليه وسلم عما لقي في تبليغه من المشقات صلى اللّه عليه و سلم والضمير في قوله أتاها عائد على النار وقوله نودي كنايه عن تكليم اللّه تعالى له عليه السلام وقرأ نافع وغيره أني بكسر الهمزة على الابتداء وقرأ أبو عمرو وابن كثير أني بفتحها على معنى لأجل أني أنا ربك فاخلع نعليك واختلف في السبب الذي من أجله أمر بخلع النعلين فقالت فرقة كانتا من جلد حمار ميت فأمر بطرح النجاسة وقالت فرقة بل كانت نعلاه من جلد بقرة ذكي لكن أمر بخلعهما لينال بركة الوادي المقدس وتمس قدماه تربة الوادي قال ع وتحتمل الآية معنى آخر هو الأليق بها عندي وهو أن اللّه تعالى أمره أن يتأدب ويتواضع لعظم الحال التي حصل فيها والعرف عند الملوك أن تخلع النعلان ويبلغ الإنسان إلى غاية تواضعه فكان موسى عليه السلام أمر بذلك على هذا الوجه ولا نبالي كيف كانت نعلاه من ميتة غيرها والمقدس معناه المطهر وطوى معناه مرتين فقالت فرقة معناه قدس مرتين وقالت فرقة معناه طويت لك الأرض مرتين من ظنك قال الفخر وقيل أن طوى اسم واد بالشام وهو عند الطور الذي أقسم اللّه به في القرءان وقيل أن طوى بمعنى يا رجل بالعبرانية كأنه قيل يا رجل اذهب إلى فرعون انتهى من تفسيره لسورة والنازعات قال ع وحدثني أبي رحمه اللّه قال سمعت أبا الفضل ابن الجوهري رحمه اللّه تعالى يقول لما قيل لموسى استمع لما يوحى وقف على حجر واستند إلى حجر ووضع يمينه على شماله وألقى ذقنه على صدره ووقف يستمع وكان كل لباسه صوفا |
﴿ ٩ ﴾