سورة الفرقانوهى مكية فى قول الجمهور بسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى تبارك هو مطاوع بارك من البركة وبارك فاعل من واحد ومعناه زاد وتبارك فعل مختص باللّه تعالى لم يستعمل فى غيره وهو صفة فعل اي كثرت بركاته ومن جملتها انزال كتابة الذى هو الفرقان بين الحق والباطل والضمير فى قوله ليكون قال ابن زيد هو لصلى اللّه عليه وسلم وهو عبده المذكور ويحتمل ان يكون للفرقان وقوله وخلق كل شىء عام فى كل مخلوق ثم عقب تعالى بالطعن على قريش في اتخاذهم ءالهة ليست لها صفات الألوهية والنشور بعث الناس من القبور وقال الذين كفروا يعنى قريشا ان هذا الا افك افتراه محمد واعانه عليه قوم آخرون تقدمت الاشارة الى ذلك فى سورة النحل ثم اكذبهم اللّه تعالى واخبر انهم ما جاءوا الا اثما وزورا اي ما قالوا الا باطلا وبهتانا قال البخارى تملى عليه تقرأ عليه من امليت وامللت انتهى ثم أمر تعالى نبيه عليه السلام ان يقول ان الذى انزله هو الذى يعلم سر جميع الاشياء التى فى السموات والارض وعبارة الشيخ العارف باللّه سيدى عبد اللّه بن ابى جمرة رضى اللّه عنه ولما كان المراد منا بمقتضى الحكمة الربانية العبادة ودوامها ولذلك خلقنا كما ذكر مولانا سبحانه فى الآية الكريمة يعنى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون الآية وهو عز و جل غنى عن عبادتنا وعن كل شىء لكن الحكمة اقتضته لامر لا يعلمه الا هو كما ٦قال اللّه عز و جل الذى يعلم السر فى السموات والارض اي الذى يعلم الحكمة فى خلقها وكذلك فى خلقنا وخلق جميع المخلوقات انتهى وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام الآية المعنى عندهم ان من كان رسولا فهو مستغن عن الاكل والمشى فى الاسواق ومحاجتهم بهذا مذكورة فى السير ثم اخبر تعالى عن كفار قريش وهم الظالمون المشار اليهم انهم قالوا ان تتبعون الا رجلا مسحورا اي قد سحر ثم نبه تعالى نبيه مسليا له عن مقالتهم فقال انظر كيف ضربوا لك الامثال الآية والقصور التى فى هذه الآية تأولها الثعلبى وغيره انها فى الدنيا والقصور هى البيوت المبنية بالجدرات لانها قصرت عن الداخلين والمستأذنين وباقى الآية بين والضمير فى رأتهم لجهنم وقوله سبحانه قل اذلك خير ام جنة الخلد المعنى قل يا محمد لهؤلاء الكفرة الصائرين الى هذه الاحوال من النار اذلك خير ام جنة الخلد وهذا استفهام على جهة التوقيف والتوبيخ لان الموقف جائز له ان يوقف محاوره على ما شاء ليرى هل يجيبه بالصواب بالخطإ وقوله تعالى ويوم نحشرهم يعنى الكفار وما يعبدون من دون اللّه يريد كل شىء عبد من دون اللّه وقرأ ابن عامر فنقول بالنون قال جمهور المفسرين والموقف المجيب كل من ظلم بأن عبد ممن يعقل كالملائكة وعيسى وعزير وغيرهم وقال الضحاك وعكرمة الموقف المجيب الاصنام التى لا تعقل يقدرها اللّه تعالى على هذه المقالة ويجىء خزى الكفرة لذلك ابلغ وقرأ الجمهور نتخذ بفتح النون وذهبوا بالمعنى الى انه من قول من يعقل وان هذه الآية بمعنى التى فى سورة سبإ ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة الآية وكقول عيسى ما قلت لهم الا ما امرتنى به وقولهم حتى نسوا الذكر اي ما ذكر به الناس على السنة الانبياء عليهم السلام وقرأ زيد بن ثابت وجماعة نتخذ بضم النون ١٩وقوله تعالى فقد كذبوكم الآية خطاب من اللّه تعالى للكفرة اخبرهم ان معبوداتهم كذبتهم وفى هذا الاخبار خزى وتوبيخ لهم وقرأ حفص عن عاصم فما تستطيعون بالتاء من فوق قال مجاهد الضمير فى يستطيعون هو للمشركين وصرفا معناه رد التكذيب العذاب وقوله تعالى ومن يظلم منكم قيل هو خطاب للكفار وقيل للمؤمنين والظلم هنا الشرك قاله الحسن وغيره وقد يحتمل ان يعم غيره من المعاصي وفى حرف ابى ومن يكذب منكم نذقه عذابا كبيرا ٢٠وقوله تعالى وما ارسلنا قبلك من المرسلين الآية رد على قريش فى قولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الاسواق ثم اخبر عز و جل ان السبب فى ذلك انه جعل بعض عبيده فتنة لبعض على العموم فى جميع الناس مؤمن وكافر والتوقيف باتبصرون خاص بالمؤمنين المحققين قال ابن العربى فى الاحكام ولما كثر الباطل فى الاسواق وظهرت فيه المناكر كره علماؤنا دخولها لأرباب الفضل والمقتدى بهم فى الدين تنزيها لهم عن البقاع التى يعصى اللّه تعالى فيها انتهى ثم اعرب قوله تعالى وكان ربك بصيرا عن الوعد للصابرين والوعيد للعاصين وعن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال من دخل السوق فقال لا اله الا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حى لا يموت بيده الخير وهو على كل شىء قدير كتب اللّه له الف الف حسنة ومحا عنه الف الف سيئة ورفع له الف الف درجة رواه الترمذى وابن ماجة وهذا لفظ الترمذى وزاد فى رواية اخرى وبنى له بيتا فى الجنة ورواه الحاكم فى المستدرك من عدة طرق انتهى من السلاح ٢١وقوله تعالى وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية الرجاء هنا على بابه وقيل هو بمعنى الخوف ولما تمنت كفار قريش رؤية ربهم اخبر تعالى عنهم انهم عظموا انفسهم وسألوا ما ليسوا له باهل ص لقد جواب قسم محذوف انتهى والضمير فى قوله ويقولون قال مجاهد وغيره هو للملائكة والمعنى يقول الملائكة للمجرمين حجرا محجورا عليكم البشرى اي حراما محرما والحجر الحرام وقال مجاهد ايضا وابن جريج الضمير للكافرين المجرمين قال ابن جريج كانت العرب اذا كرهوا شيأ قالوا حجرا قال مجاهد حجرا عوذا يستعيذون من الملائكة قال ع ويحتمل ان يكون المعنى ويقولون حرام محرم علينا العفو وقد ذكر ابو عبيدة ان هاتين اللفظتين عوذة للعرب يقولها من خاف ءاخر فى الحرم فى شهر حرام اذا لقيه وبينهما تره قال الداودى وعن مجاهد وقدمنا اي عمدنا انتهى قال ع وقدمنا اي قصد حكمنا وانفاذنا ونحو هذا من الالفاظ اللائقة ومعنى الآية وقصدنا الى اعمالهم التى لا تزن شيأ فصيرناها هباء اي شيأ لا تحصيل له والهباء ما يتطاير فى الهواء من الاجزاء الدقيقة ولا يكاد يرى الا فى الشمس قاله ابن عباس وغيره ومعنى هذه الآية جعلنا اعمالهم لاحكم لها ولا منزلة ووصف تعالى الهباء فى هذه الآية بمنثور ووصفه فى غيرها بمينت فقالت فرقة هما سواء وقالت فرقة المنبث ارق وادق من المنثور لان المنثور يقتضى ان غيره نثره والمنبث كأنه انبث من دقته وقوله تعالى واحسن مقيلا ذهب ابن عباس والنخعى وابن جريج الى ان حساب الخلق يكمل فى وقت ارتفاع النهار ويقيل اهل الجنة فى الجنة واهل النار فى النار فالمقيل القائلة قال ع ويحتمل ان اللفظة انما تضمنت تفضيل الجنة جملة وحسن هوائها فالعرب تفضل البلاد بحسن المقيل لأن وقت القائلة يبدى فساد هواء البلاد فاذا كان بلد فى وقت فساد الهواء حسنا حاز الفضل وعلى ذلك شواهد ويوم تشقق السماء يريد يوم القيامة ص بالغمام الباء للحال اي متغيمة للسبب بمعنى عن انتهى وفى قوله تعالى وكان يوما على الكافرين عسيرا دليل على انه سهل على المؤمنين وروى عن النبى صلى اللّه عليه و سلم انه قال ان اللّه ليهون يوم القيامة على المومن حتى يكون عليه اخف من صلاة مكتوبة صلاها فى الدنيا وعض اليدين هو فعل النادم قال ابن عباس وجماعة من المفسرين الظالم فى هذه الآية عقبة بن ابى معيط وذلك انه كان اسلم جنح الى الإسلام وكان ابى بن خلف الذى قتله النبى صلى اللّه عليه و سلم بيده يوم احد خليلا لعقبة فنهاه عن الاسلام فقبل نهيه فنزلت الآية فالظالم عقبة وفلانا ابى قال السهيلى وكنى سبحانه عن هذا الظالم ولم يصرح باسمه ليكون هذا الوعيد غير مخصوص به ولا مقصور عليه بل يتناول جميع من فعل مثل فعله انتهى وقال مجاهد وغيره ! الظالم عام اسم جنس وهذ هو الظاهر وان مقصد الآية تعظيم يوم القيامة وذكر هوله بانه يوم تندم فيه الظلمة وتتمنى انها لم تطع فى دنياها اخلاءها والسبيل المتمناه هى طريق آلاخرة وفى هذه الآية لكل ذى نهية تنبيه على تجنب قرين السوء والاحاديث والحكم فى هذا الباب كثيرة مشهورة والذكر ما ذكر الانسان امر ءاخرته من قرءان موعظة ونحوه وكان الشيطان للانسان خذولا يحتمل ان يكون من قول الظالم ويحتمل ان يكون ابتداء اخبار من اللّه عز و جل على وجه التحذير من الشيطان الذى بلغهم ذذلك المبلغ وقوله تعالى وقال الرسول حكاية عن قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى الدنيا وتشكيه ما يلقى من قومه هذا قول الجمهور وهو الظاهر وقالت فرقة هو حكاية عن قوله ذلك فى آلاخرة ومهجورا يحتمل ان يريد مبعدا مقصيا من الهجر بفتح الهاء وهذا قول ابن زيد ويحتمل ان يريد مقولا فيه الهجر بضم الهاء اشارة الى قولهم شعر وكهانة ونحوه قاله مجاهد قال ع وقول ابن زيد منبه للمؤمن على ملازمة المصحف وان لا يكون الغبار يعلوه فى البيوت ويشتغل بغيره وروى انس عن النبى صلى اللّه عليه و سلم انه قال من علق مصحفا ولم يتعاهده جاء يوم القيامة متعلقا به يقول يا رب هذا اتخذنى مهجورا اقض بينى وبينه وفى حلية النووى قال وروينا فى سنن ابى داود ومسند الدارمى عن سعد بن عبادة عن النبى صلى اللّه عليه و سلم انه قال من قرأ القرءان ثم نسيه لقى اللّه تعالى يوم القيامة اجذم وروينا فى كتاب ابى داود والترمذى عن انس عن النبى صلى اللّه عليه و سلم قال عرضت على اجور امتى حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد وعرضت علي ذنوب امتى قلم ار ذنبا اعظم من سورة من القرءان ءاية أوتيها رجل ثم نسيها تكلم الترمذى فيه انتهى ثم سلاه تعالى عن فعل قومه بقوله وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين اي فاصبر كما صبروا قاله ابن عباس ثم وعد تعالى بقوله وكفى بربك هاديا ونصيرا والباء فى بربك للتأكيد دالة على الأمر اذ المعنى اكتف بربك وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءان جملة واحدة قال ابن عباس وغيره قالوا فى بعض معارضاتهم لو كان من عند اللّه لنزل جملة كالتوراة والانجيل وقوله كذلك يحتمل ان يكون من قول الكفار اشارة الى التوراة والانجيل ويحتمل ان يكون من الكلام المستانف وهو اولى ومعناه كما نزل اردناه فالاشارة الى نزوله متفرقا والترتيل التفريق بين الشىء المتتابع ومنه ترتيل القرءان وجعل اللّه تعالى السبب فى نزوله متفرقا تثبيت قلب نبيه صلى اللّه عليه وسلم وأن ينزله فى النوازل والحوادث التى قد قدرها وقدر نزوله فيها وان هؤلاء الكفرة لا يجيئون بمثل يضربونه على جهة المعارضة منهم الاجاء القرءان بالحق فى ذلك والجلية ثم هو احسن تفسيرا وافصح بيانا وباقى الآية بين تقدم تفسير نظيره والجمهور ان هذا المشى على الوجوه حقيقة وقد جاء كذلك فى الحديث وقد تقدم ولفظ البخارى عن انس ان رجلا قال يا نبى اللّه ايحشر الكافر على وجهه يوم القيامة قال اليس الذى امشاه على الرجلين فى الدنيا قادرا على ان يمشيه على وجهه يوم القيامة قال قتادة بلى وعزة ربنا انتهى وقوله تعالى ولقد آتينا موسى الكتاب آلايات تنبيه لكفار قريش وتوعد ان يحل بهم ما حل بهؤلاء المعذبين قال قتادة اصحاب الرس وأصحاب الأيكة قومان ارسل اليهما شعيب وقاله وهب بن مبنه وقيل غير هذا وقوله تعالى وقرونا بين ذلك كثيرا ابهام لا يعلم حقيقته الا اللّه عز و جل والتبار الهلاك والقرية التى امطرت مطر السوء هى سذوم مدينة قوم لوط وما لم نذكر تفسيره قد تقدم بيانه للفاهم المتيقط ثم ذكر سبحانه انهم اذا رأوا محمدا عليه السلام قالوا على جهة الاستهزاء اهذا الذى بعث اللّه رسولا قال ص ان يتخذونك ان نافية جواب اذا انتهى ثم انس اللّه تعالى نبيه بقوله ارأيت من اتخذ الهه هواه الآية المعنى لا تتأسف عليهم ومعنى اتخذ الهه هواه اي جعل هواه مطاعا فصار كالإله ان هم الا كالأنعام اي بل هم كالأنعام ت وعبارة الواحدى ان هم اي ما هم الا كالانعام انتهى ٤٥وقوله سبحانه الم تر الى ربك كيف مد الظل الآية مد الظل باطلاق هو ما بين اول الاسفار إلى بزوغ الشمس ومن بعد مغيبها ايضا وقتا يسيرا فان فى هذين الوقتين على الارض كلها ظلا ممدودا ولو شاء لجعله ساكنا اي ثابتا غير متحرك ولا منسوخ لكنه جعل الشمس ونسخها اياه وطردها له من موضع الى موضع دليلا عليه مبينا لوجوده ولوجه العبرة فيه وحكى الطبرى انه لولا الشمس لم يعلم ان الظل شىء اذ الاشياء انما تعرف بأضدادها ٤٦وقوله تعالى قبضا يسيرا يحتمل ان يريد لطيفا اي شيأ بعد شىء لافى مرة واحدة قال الداودى قال الضحاك قبضا يسيرا يعنى الظل اذا علته الشمس انتهى قال الطبرى ووصف الليل باللباس من حيث يستر الاشياء ويغشاها والسبات ضرب من الإغماء يعترى اليقظان مرضا فشبه النوم به والنشور هنا الاحياء شبه اليقظة به ويحتمل ان يريد بالنشور وقت انتشار وتفرق واناسى قيل هو جمع انسان والياء المشددة بدل من النون فى الواحد قاله سيبويه وقال المبرد هو جمع انسى والضمير فى صرفناه عائد على القرءان وان لم يتقدم له ذكر ويعضد ذلك قوله وجاهدهم به جهادا كبيرا ٥٣وقوله تعالى وهو الذى مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج مرج معناه خلط قال ع والذى اقول به فى معنى هذه الآية ان المقصود بها التنبيه على قدره اللّه تعالى فى ان بث فى الارض مياها عذبه كثيرة جعلها خلال الاجاج وجعل الاجاج خلالها كما هو مر ! ي ! تجد البحر قد اكتنفته المياه العذبة فى ضفته وتجد الماء العذب فى الجزائر ونحوها قد اكتنفه الماء الاجاج وكل باق على حاله ومطعمه فالبحران يراد بهما جميع الماء العذب وجميع الماء الاجاج والبرزخ والحجر هو ما بين البحرين من الارض واليبس قاله الحسن والفرات الصافى اللذيذ المطعم والاجاج ابلغ ما يكون من الملوحة وقوله تعالى وهو الذى خلق من الماء بشرا الآية تعديد نعم على الناس والنسب هو ان يجتمع انسان مع ءاخر فى اب ام والصهر هو تواشج المناكحة فقرابة الزوجة هم الاختان وقرابة الزوج هم الاحماء والاصهار يقع عاما لذلك كله وقوله تعالى وكان الكافر على ربه ظهيرا اي معينا يعينون على ربهم غيرهم من الكفرة بطاعتهم للشيطان وهذا تأويل مجاهد وغيره والكافر هنا اسم جنس وقال ابن عباس هو ابو جهل قال ع فيشبه ان ابا جهل هو سبب الآية ولكن اللفظ عام للجنس كله ت والمعنى على دين ربه ظهيرا وقوله تعالى الا من شاء ان يتخذ الى ربه سبيلا الظاهر فيه انه استثناء منقطع والمعنى لكن مسئولى ومطلوبى من شاء ان يهتدى ويومن ويتخذ الى رحمة ربه طريق نجاه وقوله سبحانه وتوكل على الحي الذى لا يموت قال القشيرى فى التحبير واذا علم العبد ان مولاه حى لا يموت صح توكله عليه ٥٨قال تعالى وتوكل على الحى الذى لا يموت قيل ان رجلا كتب الى ءاخر ان صديقى فلانا قد مات فمن كثرة ما بكيت عليه ذهب بصري فكتب اليه الذنب لك حين احببت الحى الذى يموت فهلا احببت الحى الذى لا يموت حتى لا تحتاج الى البكاء عليه انتهى وعن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما كربنى امر الا تمثل لى جبريل عليه السلام فقال يا محمد قل توكلت على الحى الذى لا يموت والحمد للّه الذى لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا رواه الحاكم فى المستدرك وقال صحيح الاسناد انتهى من السلاح وقوله تعالى وسبح بحمده اي قل سبحان اللّه وبحمده اي تنزيهه واجب وبحمده اقول وصح عنه صلى اللّه عليه و سلم انه قال من قال فى كل يوم سبحان اللّه وبحمده مائة مرة غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر فهذ معنى قوله وسبح بحمده وهى احدى الكلمتين الخفيفتين على اللسان الثقيلتين فى الميزان الحديث فى البخارى وغيره ت وعن جويرية رضى اللّه عنها ان النبى صلى اللّه عليه و سلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهى فى مسجدها ثم رجع بعد ان اضحى وهى جالسة فقال ما زلت على الحال التى فارقتك عليها قال نعم قال النبى صلى اللّه عليه و سلم لقد قلت بعدك اربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان اللّه وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته رواه الجماعة الا البخارى زاد النساءى فى ءاخره والحمد للّه كذلك وفى رواية له سبحان اللّه وبحمده ولا اله الا اللّه واللّه اكبر عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته انتهى من السلاح وقوله سبحانه وكفى به بذنوب عباده خبيرا وعيد بين وقوله تعالى الرحمن يحتمل ان يكون رفعه باضمار مبتدإ اي هو الرحمن ويحتمل ان يكون بدلا من الضمير فى قوله استوى وقوله فسئل به خبيرا فيه تأويلان احدهما فسئل عنه خبيرا والمعنى اسئل جبريل والعلماء واهل الكتاب والثانى ان يكون المعنى كما تقول لو لقيت فلانا لقيت به البحر كرما اي لقيت منه والمعنى فسئل اللّه عن كل امر وقال عياض فى الشفا قال القاضى ابو بكر بن العلاء المأمور بالسؤال غير النبى صلى اللّه عليه و سلم والمسئول الخبير هو النبى صلى اللّه عليه و سلم انتهى قال ابو حيان والظاهر تعلق به فسئل وبقاء الباء على بابها وخبيرا من صفاته تعالى نحو لقيت بزيد اسدا اي انه الاسد شجاعة والمعنى فسئل اللّه الخبيرب الأشياء انتهى واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن يعنى ان كفار قريش قالوا ما نعرف الرحمن الا رحمن اليمامة وهو مسيلمة الكذاب وكان مسيلمة تسمى بالرحمن انسجد لما تامرنا وزادهم هذا اللفظ نفورا والبروج هى التى علمتها العرب وهى المشهورة عند اللغويين واهل تعديل الأوقات وكل برج منها على منزلتين وثلث من منازل القمر التى ذكرها اللّه تعالى فى قوله والقمر قدرناه منازل وهو الذى جعل الليل والنهار خلفه اي هذا يخلف هذا وهذا يخلف هذا قال مجاهد وغيره لمن اراد ان يذكر اي يعتبر بالمصنوعات ويشكر اللّه تعالى على ءالائه وقال عمر وابن عباس والحسن معناه لمن اراد ان يذكر ما فاته من الخير والصلاة ونحوه فى احدهما فيستدركه فى الذى يليه وقرأ حمزة وحده يذكر بسكون الذال وضم الكاف ثم لما قال تعالى لمن راد ان بذكر اراد شكورا جاء بصفات عباده الذين هم اهل التذكر والشكور وقوله الذين يمشون خبر مبتدإ والمعنى وعباده حق عباده هم الذين يمشون وقوله يمشون على الارض عبارة عن عيشهم ومدة حياتهم وتصرفاتهم وهونا بمعنى ان امرهم كله هين اي لين حسن قال مجاهد بالحلم والوقار وقال ابن عباس يالطاعة والعفاف والتواضع وقال الحسن حلماء ان جهل عليهم لم يجهلوا قال الثعلبى قال الحسن يمشون حلماء علماء مثل الأنبياء لا يوذون الذر فى سكون وتواضع وخشوع وهو ضد المختال الفخور الذى يختال فى مشيه اه قال عياض فى صفة نبينا صلى اللّه عليه وسلم يخطو تكفؤا ويمشى هونا كأنما ينحط من صبب انتهى من الشفا قال ابو حيان هونا نعت لمصدر محذوف اي مشيا هونا حال اي هينين انتهى وروى الترمذى عن ابن مسعود ان النبى صلى اللّه عليه و سلم قال الا اخبركم بمن يحرم على النار بمن تحرم عليه النار على كل قريب هين سهل قال ابو عيسى هذا حديث حسن انتهى واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما العامل فى سلاما قالوا والمعنى هذا اللفظ وقال مجاهد معنى سلاما قولا سدادا اي يقول للجاهل كلاما يدفعه به برفق ولين وهذه الآية كانت قبل ءاية السيف فنسخ منها ما يخص الكفرة وبقى ادبها فى المسلمين الى يوم القيامة قال صاحب الحكم الفارقية اذا نازعك انسان فلا تجبه فان الكلمة الأولى انثى واجابتها فحلها فإن امسكت عنها بترتها وقطعت نسلها وان اجبتها القحتها فكم من نسل مذموم يتولد بينهما فى ساعة واحدة انتهى والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما هذه ءاية فيها تحريض على قيام الليل بالصلاة قال الحسن لما فرغ من وصف نهارهم وصف فى هذه ليلهم وغراما معناه ملازما ثقيلا ومقاما من الاقامة وعن انس بن مالك قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من سأل اللّه الجنة ثلاث مرات قالت الجنة اللّهم ادخله الجنة ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار اللّهم اجره من النار رواه أبو داود والنساءى وابن ماجه وابن حبان فى صحيحه بلفظ واحد ورواه الحاكم فى المستدرك وقال صحيح الاسناد انتهى من السلاح ٦٧وقوله سبحانه والذين اذا انفقوا لم يسرفوا الآية عبارة اكثر المفسرين ان الذى لا يسرف هو المنفق فى الطاعة وان افرط والمسرف هو المنفق فى المعصية وان قل نفاقه وان المقتر هو الذى يمنع حقا عليه وهذا قول ابن عباس وغيره والوجه ان يقال ان النفقة فى المعصية امر قد حظرت الشريعة قليلة وكثيرة وهؤلاء الموصوفون منزهزن عن ذلك وانما التأديب بهذه الآية هو فى نفقة الطاعات والمباحات فادب الشريعة فيها ان لا يفرط الانسان حتى يضيع حقا آخر اوعيالا ونمو هذا وان لا يضيق ايضا ويقتر حتى يجمع العيال ويفرط فى الشح والحسن فى ذلك هو القوام اي المعتدل والقوام فى كل واحد بحسب عياله وحاله وخير الأمور اوساطها ولهذا ترك النبى صلى اللّه عليه و سلم ابا بكر الصديق يتصدق بجميع ماله لان ذلك وسط بنسبة جلده وصبره فى الدين ومنع غيره من ذلك وقال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز حين زوجه ابنته فاطمة ما نفقتك فقال له عمر الحسنة بين السيئتين ثم تلا الآية وقال عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه كفى بالمرء سرفا ان لا يشتهى شيأ الا اشتراه فاكله وقواما خبر كان واسمها مقدر اي الانفاق والذين لا يدعون مع اللّه الها آخر الآية فى نحو هذه الآية قال ابن مسعود قلت يوما يا رسول اللّه اي الذنب اعظم قال ان تجعل للّه ندا وهو خلقك قلت ثم اي قال ان تقتل ولدك خشية ان يطعم معك قلت ثم اي قال ان تزانىحليلة جارك ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية والآثام فى كلام العرب العقاب وبه فسر ابن زيد وقتادة هذه الآية قال ع يضاعف بالجزم بدل من يلق قال سيبويه مضاعفة العذاب هو لقي الاثام وقوله تعالى الا من تاب لا خلاف بين العلماء ان الاستثناء عام فى الكافى والزانى واختلفوا فى القاتل وقد تقدم بيان ذلك فى سورة النساء وقوله سبحانه فأولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات اي بان يجعل اعمالهم بدل معاصيهم الاولى طاعة قاله ابن عباس وغيره ويحتمل ان يكون فى ذلك فى يوم القيامة يجعل بدل السيئات الحسنات تكرما منه سبحانه وتعالى كما جاء فى صحيح مسلم وهو تأويل ابن المسيب ص والاولى ان يكون الاستثناء هنا منقطعا اي لكن من تاب وءامن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات انتهى ثم اكد سبحانه امر التوبة ومدح المتاب فقال ومن تاب وعمل صالحا فانه يتوب الى اللّه متابا كأنه قال فإنه يجد بابا للفرج والمغفرة عظيما ثم استمرت آلايات فى صفة عباد اللّه المؤمنين بان نفى عنهم شهادة الزور ويشهدون فى هذا الموضع ظاهر معناها يشاهدون ويحضرون والزور كل باطل زور واعظمه الشرك وبه فسر الضحاك ومنه الغناء وبه فسر مجاهد وقال على وغيره معناه لا يشهدون بالزور فهى من الشهادة لامن المشاهدة والمعنى الاول اعم واللغو كل سقط من فعل قول وقال الثعلبى اللغو كل ما ينبغى ان يطرح ويلغى انتهى وكراما معناه معرضين مستحيين يتجافون عن ذلك ويصبرون على الاذى فيه قال ع واذا مر المسلم بمنكر فكره ان يغيره وحدود التغير معروفة ٧٣وقوله تعالى والذين اذا ذكروا بئايات ربهم يريد ذكروا بالقرءان امر ءاخرتهم ومعادهم وقوله لم يخروا عليها صما وعميانا يحتمل تأويلين احدهما ان يكون المعنى لم يكن خرورهم بهذه الصفة بل يكونوا سجدا وبكيا وهذه كما تقول لم يخرج زيد الى الحرب جزعا اي انما خرج جريئا مقداما وكأن الذى يخر اصم اعمى هو المنافق الشاك والتأويل الثانى ذهب اليه الطبرى وهو ان يخروا صما وعميانا هى صفة للكفار وهى عبارة عن اعراضهم وقال الفراء لم يخروا اي لم يقيموا وهو نحو تأويل الطبرى انتهى وقال ابن العربى فى احكامه قوله تعالى والذين اذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا قال علماؤنا يعنى الذين اذا قرءوا القرءان قرءوه بقلوبهم قراءه فهم وتثبيت ولم ينثروه نثر الدقل فان المرور عليه بغير فهم ولا تثبيت صمم وعمى انتهى وقرة العين من القر وهذا هو الأشهر لأن دمع السرور بارد ودمع الحزن سخن فلهذا يقال اقر اللّه عينك واسخن اللّه عين العدو وقرة العين فى الازواج والذرية ان يراهم الانسان مطيعين للّه تعالى قاله ابن عباس والحسن وغيرهما وبين المقداد بن الأسود الوجه من ذلك بانه كان فى اول الاسلام يهتدى الاب والابن كافر الزوج والزوجة كافرة فكانت قرة اعينهم فى ايمان احبابهم واجعلنا للمتقين اماما اي اجعلنا يأتم بنا المتقون وذلك بان يكون الداعى متقيا قدوة وهذا هو قصد الداعى قال النخعى لم يطلبوا الرياسة بل ان يكونوا قدوة فى الدين وهذا حسن ان يطلب ويسعى له قال الثعلبى قال ابن عباس المعنى واجعلنا ائمة هدى انتهى وهو حسن لانهم طلبوا ان يجعلهم اهلا لذلك والغرفة من منازل الجنة وهى الغرف فوق الغرف وهى اسم جنس كما قال ... ولولا الحبة السمرا ... لم تحلل بواديكم ... ت واخرج ابو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد بن الشحامى عن انس بن مالك قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان فى الجنة لغرفا ليس لها معاليق من فوقها ولا عماد من تحتها قيل يا رسول اللّه وكيف يدخلها اهلها قال يدخلونها اشباه الطير قيل هى يا رسول اللّه لمن قال هى لاهل الاسقام والاوجاع والبلوى انتهى من التذكرة وقرأ حمزة وغيره يلقون بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف ٧٧وقوله تعالى قل ما يعبؤبكم الآية ما نافية وتحتمل التقرير ثم الآية تحتمل ان تكون خطابا لجميع الناس فكانه قال لقريش منهم ما يبالى اللّه بكم ولا ينظر اليكم لولا عبادتكم اياه ان لو كانت اذ ذلك الذي يعبأ بالبشر من اجله قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وقال النقاش وغيره المعنى لولا استغاثتكم اليه فى الشدائد وقرأ ابن الزبير وغيره فقد كذب الكافرون وهذا يؤيد ان الخطاب بما يعبأ هو لجميع الناس ثم يقول لقريش فأنتم قد كذبتم ولم تعبدوه فسوف يكون العذاب التكذيب الذى هو سبب العذاب لزاما ويحتمل ان يكون الخطاب بالآيتين لقريش خاصة وقال الداودى وعن ابن عيينه لولا دعاؤكم معناه لولا دعاؤكم اياه لتطيعوه انتهى قال ابن العربى فى احكامه زعم بعض الادباء ان لولا دعاؤكم معناه لولا سؤالكم اياه وطلبكم منه ورأى انه مصدر اضيف الى فاعل وليس كما زعم وانما هو مصدر اضيف الى مفعول والمعنى قل يا محمد للكفار لولا دعاؤكم ببعثه الرسول اليكم وتبين الأدلة لكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما ذكر هذا عند قوله تعالى لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا فى ءاخر سورة النور انتهى ت والحق ان الآية محتملة لجميع ما تقدم ومن ادعى التخصيص فعليه بالدليل واللّه اعلم ويعبأ مشتق من العبء وهو الثقل الذى يعبأ ويرتب كما يعبأ الجيش قال الثعلبى قال ابو عبيدة يقال ما عبأت به شيأ اي لم اعده شيأ فوجوده وعدمه سواء انتهى وقال العراقى ما يعبأ اي ما يبالى انتى واكثر الناس على ان اللزام المشار اليه هو يوم بدر وقالت فرقة هو توعد بعذاب آلاخرة وقال ابن عباس اللزام الموت وقال البخارى فسوف يكون لزاما اي هلكة انتهى |
﴿ ٠ ﴾