٤٢

وقوله تعالى ان اللّه يعلم ما تدعون من دونه من شيىء قيل معناه ان اللّه يعلم الذين تدعون من دونه من جميع الاشياء

وقيل ما نافية وفيه نظر

وقيل ما استفهامية قال جابر قال النبى صلى اللّه عليه و سلم فى

قوله تعالى وما يعقلها الا العالمون العالم من عقل عن اللّه تعالى فعمل بطاعته وانتهى عن معصيته

وخلق اللّه السموات والارض بالحق اي لا للعبث واللعب بل ليدل على سلطانه وتثبيت شرائعه ويضع الدلالة لاهلها ويعم بالمنافع الى غير ذلك مما لا يحصى عدا ثم امر تعالى نبيه عليه السلام بالنفوذ لأمره وتلاوة القرءان الذى اوحى اليه واقامة الصلاة اي ادامتها والقيام بحدودها ثم اخبر

سبحانه حكما منه ان الصلاة تنهى صاحبها وممتثلها عن الفحشاء والمنكر قال ع وذلك عندى بان المصلى اذا كان على الواجب من الخشوع والاخبات وتذكر اللّه وتوهم الوقوف بين يديه وان قلبه واخلاصه مطلع عليه مرقوب صلحت لذلك نفسه وتذللت وخامرها ارتقاب اللّه تعالى فاطرد ذلك فى اقواله وافعاله وانتهى عن الفحشاء والمنكر ولم يكد يفتر من ذلك حتى تظله صلاة اخرى يرجع بها الى افضل حاله فهذا معنى هذا الاخبار لأن صلاة المؤمن هكذا ينبغى ان تكون وقد روى عن بعض السلف انه كان اذا اقام الصلاة ارتعد واصفر لونه فكلم فى ذلك فقال انى اقف بين يدى اللّه تعالى قال ع فهذه صلاة تنهى ولا بد عن الفحشاء والمنكر واما من كانت صلاته دائرة حول الأجزاء بلا تذكر ولا خشوع ولا فضائل فتلك تترك صاحبها من منزلته حيث كان

وقوله تعالى ولذكر اللّه اكبر قال ابن عباس وابو الدرداء وسلمان وابن مسعود وابو قرة معناه ولذكر اللّه اياكم اكبر من ذكركم اياه

وقيل معناه ولذكر اللّه اكبر مع المداومة من الصلاة فى النهى عن الفحشاء والمنكر وقال ابن زيد وغيره معناه ولذكر اللّه اكبر من كل شيىء

وقيل لسليمان اي الاعمال افضل فقال اما تقرأ ولذكر اللّه اكبر والاحاديث فى فضل الذكر كثيرة لا تنحصر وقال ابن العربى فى إحكامه قوله ولذكر اللّه اكبر فيه اربعة اقوال الاول ذكر اللّه لكم افضل من ذكركم له اضاف المصدر الى الفاعل الثانى ذكره اللّه افضل من كل شيىء الثالث ذكر اللّه فى الصلاة افضل من ذكره فى غيرها يعنى لأنهما عبادتان الرابع ذكر اللّه فى الصلاة اكبر من الصلاة وهذه الثلاثة الأخيرة من اضافة المصدر الى المفعول وهذه كلها صحيحة وان للصلاة بركة عظيمة انتهى قال ع وعندى ان المعنى ولذكر اللّه اكبر على الاطلاق اي هو الذى ينهى عن

الفحشاء والمنكر فالجزء الذى منه فى الصلاة يفعل ذلك وكذلك يفعل فى غير الصلاة لان الانتهاء لا يكون الا من ذاكر للّه تعالى مراقب له وثواب ذلك الذكر ان يذكره اللّه تعالى كما فى الحديث الصحيح ومن ذكرني فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منهم والحركات التى فى الصلاة لا تأثير لها فى نهى والذكر النافع هو مع العلم واقبال القلب وتفرغه الا من اللّه واما ما لا يتجاوز اللسان ففى رتبة اخرى وذكر اللّه تعالى للعبد هو افاضة الهدى ونور العلم عليه وذلك ثمرة ذكر العبد ربه

قال اللّه عز و جل فاذكرونى اذكركم وعبارة الشيخ ابن ابى جمرة ولذكر اللّه اكبر معناه ذكره لك فى الأزل ان جعلك من الذاكرين له اكبر من ذكرك انت آلآن له انتهى قال القشيرى فى رسالته الذكر ركن قوى فى طريق الحق سبحانه وهو العمدة فى هذا الطريق ولا يصل احد الى اللّه سبحانه الا بدوام الذكر ثم الذكر على ضربين ذكر باللسان وذكر بالقلب فذكر اللسان به يصل العبد الى استدامة ذكر القلب والتأثير لذكر القلب فاذا كان العبد ذاكرا بلسانه وقلبه فهو الكامل فى وصفه سمعت ابا على الدقاق يقول الذكر منشور الولاية فمن وفق للذكر فقد وفق للمنشور ومن سلب الذكر فقد عزل والذكر بالقلب مستدام فى عموم الحالات واسند القشيرى عن المظفر الجصاص قال كنت انا ونصر الخراط ليلة فى موضع فتذاكرنا شيأ من العلم فقال الخراط الذاكر للّه تعالى فائدته فى اول ذكره ان يعلم ان اللّه ذكره فبذكر اللّه له ذكره قال فخالفته فقال لو كان الخضر ها هنا لشهد لصحته قال فاذا نحن بشيخ يجىء بين السماء والارض حتى بلغ الينا وقال صدق الذاكر للّه بفضل اللّه وذكره له ذكره فعلمنا انه الخضر عليه السلام انتهى وباقى الآية ضرب من التوعد وحث على المراقبة قال الباجى فى سنن الصالحين قال بعض العلماء ان اللّه عز و جل يقول ايما عبد اطلعت على قلبه فرأيت الغالب عليه التمسك بذكرى توليت سياسته

وكنت جليسه ومحادثه وانيسه انتهى

﴿ ٤٢