١٣

وقوله سبحانه واذ قالت طائفة منهم اي من المنافقين

لا مقام لكم اي لا موضع قيام وممانعة فارجعوا الى منازلكم وبيوتكم وكان هذا على جهة التخذيل عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والفريق المستأذن هو اوس بن قيظي استأذن فى ذلك على اتفاق من اصحابه المنافقين فقال ان بيوتنا عورة اي منكشفة للعدو فاكذبهم اللّه تعالى ولو دخلت المدينة من اقطارها اي من نواحيها واشتد الخوف الحقيقى ثم سئلوا الفتنة والحرب لمحمد واصحابه لبادروا اليها واتوها محبين فيها ولم يتلبثوا فى بيوتهم لحفظها الايسيرا قيل قدر ما ياخذون سلاحهم ثم اخبر تعالى عنهم انهم قد كانوا عاهدوا اللّه اثر احد لا يولون الادبار وفى

قوله تعالى وكان عهد اللّه مسئولا توعد وباقى الآية بين ثم وبخهم بقوله قد يعلم اللّه المعوقين منكم وهم الذين يعوقون الناس عن نصره الرسول ويمنعونهم بالاقوال والافعال من ذلك ويسعون على الدين واما القائلون لاخوانهم هلم الينا فقال ابن زيد وغيره اراد من كان من المنافقين يقول لاخوانه فى النسب وقرابته هلم اي الى المنازل والاكل والشرب واترك القتال

وروى ان جماعة منهم فعلت ذلك واصل هلم ها المم وهذا مثل تعليل رد من اردد والبأس القتال والا قليلا معناه الا اتيانا قليلا واشحة جمع شحيح والصواب تعميم الشح ان يكون بكل ما فيه للمومنين منفعة

وقوله فإذا جاء الخوف قيل معناه فإذا قوى الخوف رأيت هؤلاء المنافقين ينظرون اليك نظر الهلع المختلط الذى يغشى عليه فاذا ذهب ذلك الخوف العظيم وتنفس المختنق سلقوكم اي خاطبوكم بليغة يقال خطيب سلاق ومسلاق ومسلق ولسان ايضا كذلك اذا كان فصيحا مقتدرا ووصف الألسنة بالحدة لقطعها المعانى ونفوذها في الاقوال قالت فرقة وهذا السلق هو فى مخادعة المؤمنين بما يرضيهم من القول على جهة المصانعة والمخاتلة

وقوله اشحة حال من الضمير فى سلقوكم

وقوله على الخير يدل على عموم الشح فى قوله اولا

اشحة عليكم

وقيل المراد بالخير المال اي اشحة على مال الغنائم واللّه اعلم ثم اخبر تعالى عنهم انهم لم يؤمنوا وجمهور المفسرين على ان هذه الاشارة الى منافقين لم يكن لهم قط ايمان ويكون قوله فأحبط اللّه اعمالهم اي انها لم تقبل قط والاشارة بذلك فى قوله وكان ذلك الى حبط اعمال هؤلاء المنافقين والضمير فى قوله يحسبون الاحزاب للمنافقين والمعنى انهم من الفزع والجزع بحيث رحل الاحزاب وهزمهم اللّه تعالى وهؤلاء يظنون انها من الخدع وانهم لم يذهبوا وان يأت الاحزاب اي يرجعوا اليهم كرة ثانية يودوا من الخوف والجبن لو انهم بادون اي خارجون الى البادية فى الاعراب وهم أهل العمود ليسلموا من القتال يسئلون اي من ورد عليهم ثم سلى سبحانه عنهم وحقر شأنهم بأن اخبر انهم لو حضروا لما اغنوا ولما قاتلوا الا قتالا قليلا لا نفع له ثم

قال تعالى على جهة الموعظة لقد كان لكم فى رسول اللّه اسوة حسنة حين صبر وجاد بنفسه واسوة معناه قدوة ورجاء اللّه تابع للمعرفة به ورجاء اليوم آلاخر ثمرة العمل الصالح وذكر اللّه كثيرا من خير الاعمال فنبه عليه ت وعن ابى هريرة عن النبى صلى اللّه عليه و سلم قال ان اللّه عز و جل يقول انا مع عبدى اذا هو ذكرنى وتحركت بى شفتاه رواه ابن ماجة واللفظ له وابن حبان فى صحيحه ورواه الحاكم فى المستدرك من حديث ابى الدرداء

وروى جابر بن عبد اللّه قال خرج علينا النبى صلى اللّه عليه و سلم فقال يا ايها الناس ان اللّه سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر فى الارض فارتعوا فى رياض الجنة قالوا واين رياض الجنة يا رسول اللّه قال مجالس الذكر فاغدوا وروحوا فى ذكر اللّه وذكروه انفسكم من كان يحب ان يعلم منزلته عند اللّه فلينظر كيف منزلة اللّه عنده فإن اللّه ينزل العبد منه حيث انزله من نفسه رواه الحاكم فى المستدرك وقال صحيح الإسناد وعن معاذ بن جبل قال سألت النبى صلى اللّه عليه و سلم اي

الاعمال احب الى اللّه تعالى قال ان تموت ولسانك رطب من ذكر اللّه رواه ابن حبان فى صحيحه انتهى من السلاح ولولا خشية الاطالة لأتيت فى هذا الباب باحاديث كثيرة

وروى ابن المبارك فى رقائقه قال اخبرنا سفيان ابن عيينة عن ابن ابى نجيح عن مجاهد قال لا يكون الرجل من الذاكرين اللّه كثيرا والذاكرات حتى يذكر اللّه قائما وقاعدا ومضطجعا انتهى وفى مصحف ابن مسعود يحسبون الاحزاب قد ذهبوا فاذا وجدوهم لم يذهبوا ودوا انهم بادون فى الاعراب

﴿ ١٣