٢٠وقوله تعالى لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف الآية معادلة وتحضيض على التقوى وعادلت غرف من فوقها غرف ما تقدم من الظلل فوقهم وتحتهم والاحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة ثم وقف تعالى نبيه عليه السلام وامته على معتبر من مخلوقاته فقال ألم تر أن اللّه أنزل من السماء ماء الآية قال الطبري الاشارة الى ماء المطر ونبع العيون منه وسلكه معناه أجراه وأدخله في الأرض ويهيج معناه ييبس وهاج الزرع والنبات اذا يبس والحطام اليابس المتفتت ومعنى لذكرى أي للبعث من القبور وأحياء الموتى على قياس هذا المثال المذكور وقوله تعالى أفمن شرح صدره للاسلام الآية روي أن هذه الآية نزلت في علي وحمزة وأبي لهب وابنه وهما اللذان كانا من القاسية قلوبهم وفي الكلام محذوف يدل عليه الظاهر تقديره افمن شرح صدره للاسلام كالقاسي القلب المعرض عن أمر اللّه وشرح الصدر استعارة لتحصيله للنظر الجيد والايمان باللّه والنور هداية اللّه تعالى وهي أشبه شيء بالضوء قال ابن مسعود قلنا يا رسول اللّه كيف انشراح الصدر قال اذا دخل النور القلب انشرح وانفسخ قلنا يا رسول اللّه وما علامة ذلك قال الانابة الى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت والقسوة شدة القلب وهي مأخوذة من قسوة الحجر شبه قلب الكافر به في صلابته وقلة انفعاله للوعظ وروى الترمذي عن ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه فان كثرة الكلام بغير ذكر اللّه قسوة للقلب وان أبعد الناس من اللّه القلب القاسي قال الترمذي هذا حديث حسن غريب انتهى وقال مالك بن دينار ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلبه قال ابن هشام قوله تعالى فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه من هنا مرادفة عن وقيل هي للتعليل أي من أجل ذكر اللّه لأنه اذا ذكر اللّه قسن قلوبهم عياذا باللّه وقيل هي للابتداء انتهى من المغنى الفخر اعلم أن ذكر اللّه سبب لحصول النور والهداية وزيادة الاطمئنان في النفوس الطاهرة الروحانية وقد يوجب القسوة والبعد عن الحق في النفوس الخبيثة الشيطانية فاذا عرفت هذا فنقول أن رأس الأدوية التي تفيد الصحة الروحانية ورتبتها هو ذكر اللّه فاذا اتفق لبعض النفوس ان صار ذكر اللّه سببا لازدياد مرضها كان مرض تلك النفوس مرضا لا يرجى زواله ولا يتوقع علاجه وكانت في نهاية الشر والرداءة فلهذا المعنى قال تعالى فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه أولئك في ضلال مبين وهذا كلام كامل محقق انتهى |
﴿ ٢٠ ﴾