١٩

وقوله يعلم خائنة الأعين متصل بقوله سريع الحساب

وقالت فرقة يعلم متصل بقوله لا يخفي على اللّه منهم شيء وهذا قول حسن يقويه تناسب المعنيين ويضعفه بعد الآية من الآية وكثرة الحائل والخائنة مصدر كالخيانة ويحتمل أن تكون خائنة اسم فاعل أي يعلم الأعين اذا خانت في نظرها قال ابو حيان والظاهر أن خائنة الأعين من اضافة الصفة الى الموصوف أي الأعين الخائنة كقوله وان سقيت كرام الناس فاسقينا أي الناس الكرام وجوزوا أن يكون خائنة مصدرا كالعافية أي يعلم خيانة الأعين انتهى وهذه الآية عبارة عن علم اللّه تعالى بجميع الخفيات فمن ذلك كسر الجفون والغمز بالعين  النظرة التي تفهم معنى

ومنه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه في شأن رجل ارتد ثم جاء ليسلم هلا قام اليه رجل منكم حين تلكأت عنه فضرب عنقه فقالوا يا رسول اللّه الا أومأت الينا فقال صلى اللّه عليه و سلم ما ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين وفي بعض الكتب المنزلة من قول اللّه عز و جل أنا مرصاد الهمم انا العالم بمجال الفكر وكسر الجفون وقال مجاهد خائنة الأعين مسارقة النظر الى ما لا يجوز ثم قوى تعالى هذا الاخبار بقوله وما تخفي الصدور بما لم يظهر على عين ولا غيرها واسند أبو بكر بن الخطيب عن مولى أم معبد الخزاعية عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يدعو اللّهم طهر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة فانك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور انتهى قال القشيري في التحبير ومن علم اطلاع الحق تعالى عليه يكون مراقبا لربه وعلامته أن يكون محاسبا لنفسه ومن لم تصح محاسبته لم تصح مراقبته وسئل بعضهم عما يستعين به العبد على حفظ البصر فقال يستعين عليه بعلمه ان نظر اللّه اليه سابق على نظره الى ما ينظر اليه انتهى

﴿ ١٩