٢٣

وقوله تعالى ذلك الذي يبشر اللّه عباده اشارة الى

قوله تعالى في الآية الأخرى وبشر المؤمنين بأن لهم من اللّه فضلا كبيرا

وقوله تعالى قل لا أسلألكم عليه أجرا الا المودة في القربى اختلف الناس في معناه فقال ابن عباس وغيره هي آية مكية نزلت في صدر الاسلام ومعناها استكفاف شر الكفار ودفع أذاهم أي ما أسالكم على القرآن الا أن تودوني لقرابة بيني وبينكم فتكفوا عني أذاكم قال ابن عباس وابن اسحاق وقتادة ولم يكن في قريش بطن الا وللنبي صلى اللّه عليه وسلم فيه نسب  صهر فالآية على هذا فيها استعطاف ما ودفع اذى وطلب سلامة منهم وذلك كله منسوخ بآية السيف ويحتمل هذا التأويل أن يكون معنى الكلام استدعاء نصرهم أي لا اسالكم غرامة ولا شيئا إلا أن تودوني لقرابتي منكم وأن تكونوا أولى بي من غيركم قال ع وقريش كلها عندي قربى وان كانت تتفاضل وقد روى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم

أنه قال من مات على حب آل محمد مات شهيدا ومن مات على بغضهم لم يشم رائحة الجنة وقال ابن عباس أيضا ما يقتضي أن الآية مدنية وأن الأنصار جمعت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مالا وساقته اليه فرده عليهم ونزلت الآية في ذلك

وقيل غير هذا وعلى كل قول فالاستثناء منقطع والا بمعنى لكن ويقترف معناه يكتسب ورجل قرفة اذا كان محتالا كسوبا وغفور معناه ساتر عيوب عباده وشكور معناه مجاز على الدقيقة من الخير لا يضيع عنده لعامل عمل

وقوله تعالى أن يقولون افترى على اللّه كذبا أم هذه مقطوعة مضمنة اضرابا عن كلام متقدم وتقريرا على هذه المقالة منهم

وقوله تعالى فإن يشأ اللّه يختم على قلبك معناه في قول قتادة وفرقة من المفسرين ينسيك القرآن والمراد الرد على مقالة الكفار وبيان ابطالها كأنه يقول وكيف يصح أن تكون مفتريا وأنت من اللّه بمرأى ومسمع وهو قادر لو شاء أن يختم على قلبك فلا تعقل ولا تنطق ولا يستمر افتراءك فمقصد اللفظ هذا المعنى وحذف ما يدل عليه الظاهر اختصارا واقتصارا وقال مجاهد المعنى فإن يشأ اللّه يختم على قلبك بالصبر لأذى الكفار ويربط عليك بالجلد فهذا تاويل لا يتضمن الرد على مقالتهم قال أبو حيان وذكر القشيري أن الخطاب للكفار أي يختم على قلبك أيها القائل فيكون انتقالا من الغيبة للخطاب ويمح استئناف اخبار لا داخل في الجواب وتسقط الواو من اللفظ لالتقاء الساكنين ومن المصحف حملا على اللفظ انتهى

وقوله تعالى ويمح فعل مستقبل خبر من اللّه تعالى أنه يمحو الباطل ولا بد أما في الدنيا وأما في الآخرة وهذا بحسب نازلة نازلة وكتب يمح في المصحف بحاء مرسلة كما كتبوا ويدع الانسان الى غير ذلك مما ذهبوا فيه الى الحذف والاختصار

وقوله بكلماته معناه بما سبق في قديم علمه وارادته من كون الأشياء فالكلمات المعاني القائمة القديمة التي لا تبديل لها ثم ذكر تعالى النعمة في تفضله

بقبول التوبة من عباده وقبول التوبة فيما يستأنف العبد من زمانه وأعماله مقطوع به بهذه الآية وأما ما سلف من أعماله فينقسم فأما التوية من الكفر فماحية كل ما تقدمها من مظالم العباد الفائتة وغير ذلك وأما التوبة من المعاصي فلأهل السنة فيها قولان هل تذهب المعاصي السالفة للعبد بينه وبين خالقه فقالت فرقة هي مذهبة لها

وقالت فرقة هي في مشيئة اللّه تعالى وأجمعوا أنها لا تذهب مظالم العباد وحقيقة التوبة الاقلاع عن المعاصي والاقبال والرجوع الى الطاعات ويلزمها الندم على ما فات والعزم على ملازمة الخيرات وقال سري السقطي التوبة العزم على ترك الذنوب والاقبال بالقلب على علام الغيوب وقال يحيى بن معاذ التائب من كسر شبابه على رأسه وكسر الدنيا على راس الشيطان ولزم الفطام حتى أتاه الحمام

وقوله تعالى عن عباده بمعنى من عباده وكأنه قال التوبة الصادرة عن عباده وقرأ الجمهور يفعلون بالياء على الغيبة وقرأ حمزة والكسائي تفعلون بالتاء على المخاطبة وفي الآية توعد

وقوله تعالى ويستجيب قال الزجاج وغيره معناه يجيب والعرب تقول اجاب واستجاب بمعنى والذين على هذا التأويل مفعول يستجيب

وروي هذا المعنى عن معاذ بن جبل ونحوه عن ابن عباس

وقالت فرقة المعنى ويستدعي الذين آمنوا الاجابة من ربهم بالأعمال الصالحات ودل قوله ويزيدهم من فضله على أن المعنى فيجيبهم والذين على هذا القول فاعل يستجيب

وقالت فرقة المعنى ويجيب المؤمنون ربهم فالذين فاعل بمعنى يجيبون دعوة شرعه ورسالته والزيادة من فضله هي تضعيف الحسنات

وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال هي قبول الشفاعات في المذنبين والرضوان

﴿ ٢٣