١١

وقوله سبحانه سيقول لك المخلفون من الأعراب قال مجاهد وغيره من جهينة ومزينة ومن كان حول المدينة من الأعراب وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم - حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمرا استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذرا من قريش وأحرم بالعمرة وساق معه الهدي ليعمل الناس أنه لا يريد حربا فتثاقل عنه هؤلاء المخلفين ورأوا أنه يستقبل عدوا عظيما من قريش وثقيف وكنانة والقبائل المجاورة لمكة وهم الأحابيش ولم يكن تمكن إيمان هؤلاء المخلفين فقعدوا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - وتخلفوا وقالوا لن يرجع محمد ولا أصحابه من هذه السفرة ففضحهم اللّه في هذه الآية

وأعلم نبيه محمدا صلى اللّه عليه وسلم - بقولهم واعتذارهم قبل أن يصل إليهم فكان كما أخبر اللّه سبحانه فقالوا شغلتنا أموالنا وأهلونا عنك فاستغفر لنا وهذا منهم خبث وإبطال لأنهم قالوا ذلك مصانعة من غير توبة ولا ندم فلذلك

قال تعالى يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ثم

قال تعالى لنبيه عليه السلام قل لهم فمن يملك لكم من اللّه شيئاإن أراد بكم ضرا أي من يحمي منه أموالكم وأهليكم إن أراد بكم فيها سوءا وفي مصحف ابن مسعود إن أراد بكم سوءا ثم رد عليهم بقوله بل كان اللّه بما تعملون خبيرا ثم فسر لهم العلة التي تخلفوا من أجلها بقوله بل ظننتم الآية وبورا معناه هلكى فاسدين والبوار الهلاك والبور في لغة أزد عمان الفاسد ثم رجى سبحانه بقوله وللّه ملك السموات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان اللّه غفورا رحيما ثم إن اللّه سبحانه أمر نبيه على ما روي بغزو خيبر ووعده بفتحها وأعلمه أن المخلفين إذارأوا مسير رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - إلى يهود وهم عدو مستضعف طلبواالكون معه رغبة في عرض الدنيا والغنيمة فكان كذلك

وقوله تعالى يريدون ان يبدلوا كلام اللّه معناه ان يغيروا وعده لأهل الحديبية بغنيمة خيبر وقال ابن زيد كلام اللّه هو

قوله تعالى لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا قال ع وهذا ضعيف لأن هذه الآية نزلت في غزوة تبوك في آخر عمره ص - وآية هذه السورة نزلت عام الحديبية وأيضا فقد غزت جهينة ومزينة بعد هذه المدة مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - يعني غزوة الفتح فتح مكة ت قال الثعلبي وعلى التأويل الأول عامة أهل التأويل وهو أصوب من تأويل ابن زيد

وقوله كذلكم قال اللّه من قبل يريد وعده قبل باختصاصهم بها وباقي الآية بين

وقوله سبحانه ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد قال قتادة وغيره هم هوازن ومن حارب النبي عليه السلام يوم حنين وقال الزهري وغيره هم أهل الردة وبنو حنيفة باليمامة وحكى

الثعلبي عن رافع بن خديج أنه قال واللّه لقد كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى ولا نعلم من هم حتى دعا أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم هم المراد

وقيل هم فارس والروم وقرأ الجمهور  يسلمون على القطع أي  هم يسلمون دون حرب

قال ابن العربي والذين تعين قتالهم حتى يسلموا من غير قبول جزية هم العرب في أصح الأقوال  المرتدون فأما فارس والروم فلا يقاتلون إلى أن يسلموا بل أن بذلوا الجزية قبلت منهم وهذه الآية أخبار بمغيب فهي من معجزات النبي صلى اللّه عليه وسلم - انتهى من الأحكام

وقوله فان تطيعوا اي فيما تدعون اليه وباقي الآية بين ثم ذكر تعالى اهل الاعذار ورفع الحرج عنهم وهو حكم ثابت لهم الى يوم القيامة ومع ارتفاع الحرج فجائز لهم الغزو واجرهم فيه مضاعف وقد غزا ابن ام مكتوم وكان يمسك الراية فى بعض حروب القادسية وقد خرج النسائي هذا المعنى وذكر ابن ام مكتوم رحمه اللّه

﴿ ١١