٢٠

وقوله سبحانه ان ربك يعلم انك تقوم الآية المعنى ان اللّه تعالى يعلم انك تقوم أنت وغيرك من امتك قياما مختلفا مرة يكثر ومرة يقل ومرة ادنى من الثلثين ومرة ادنى من النصف ومرة ادنى من الثلث وذلك لعدم تحصيل البشر لمقادير الزمان مع عذر النوم وتقدير الزمان حقيقة انما هو للّه تعالى واما البشر فلا يحصى ذلك فتاب اللّه عليهم اي رجع بهم من الثقل الى الخفة وامرهم بقراءة ما تيسر ونحو هذا تعطى عبارة الفراء ومنذر فإنهما قالا تحصوه تحفظوه وهذا التأويل هو على قراءة الخفض عطفا على الثلثين وهي قراءة ابي عمرو ونافع وابن عامر واما من قرأ ونصفه وثلثه بالنصب عطفا على ادنى وهي قراءة باقي السبعة فالمعنى عندهم ان اللّه تعالى قد علم انهم يقدرون الزمان على نحو ما امر به تعالى في قوله نصفه  انقص منه قليلا  زد عليه فلم يبق الا قوله ان لن تحصوه فمعناه لن يطيقوا قيامه لكثرته وشدته فخفف اللّه عنهم فضلا منه لا لعلة جهلهم بالتقدير واحصاء الاوقات ونحو هذا تعطى عبارة الحسن وابن جبير فانهما قالا تحصوه تطيقوه

وعبارة الثعلبي ومن قرأ بالنصب فالمعنى وتقوم نصفه وثلثه قال الفراء وهو الاشبه بالصواب لانه قال اقل من الثلثين ثم ذكر تفسير القلة لا تفسير اقل من القلة انتهى ولو عبر الفراء بالأرجح لكان احسن ادبا وعن عبادة بن الصامت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - انه قال من تعار من الليل فقال لا اله الا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد للّه وسبحان اللّه ولا اله الا اللّه واللّه اكبر ولا حول ولا قوة الا باللّه ثم قال اللّهم اغفر لي  دعا استجبيب له فان توضأ ثم صلى قبلت صلاته رواه الجماعة الا مسلما وتعار بتشديد الراء معناه استيقظ انتهى من السلاح

وقوله تعالى فاقرءوا ما تيسر من القرآن قال الثعلبي اي ما خف وسهل بغير مقدار من القراءة والمدة

وقيل المعنى فصلوا ما تيسر فعبر بالقراءة عنها ت وهذا هو الاصح عند ابن العربي انتهى قال ع قوله فاقرءوا ما تيسر من القرآن هو امر ندب في قول الجمهور وقال جماعة هو فرض لا بد منه ولو خمسين ءاية وقال الحسن وابن سيرين قيام الليل فرض ولو قدر حلب شاة الا ان الحسن قال من قرأ مائة ءاية لم يحاجه القرءان واستحسن هذا جماعة من العلماء قال بعضهم والركعتان بعد العشاء مع الوتر داخلتان في امتثال هذا الامر ومن زاد زاده اللّه ثوابا ت ينبغي للعاقل المبادرة الى تحصيل الخيرات قبل هجوم صولة الممات قال الباجي في سنن الصالحين له قالت بنت الربيع بن خثيم لابيها يا ابت ما لي ارى الناس ينامون وانت لا تنام قال ان اباك يخاف البيات قال الباجي رحمه اللّه تعالى ولي في هذا المعنى ... قد افلح القانت في جنح الدجى ... يتلوا الكتاب العربي النيرا ... فقائما وراكعا وساجدا ... مبتهلا مستعبرا مستغفرا ... له حنين وشهيق وبكا ... يبل من ادمعه ترب الثرى

انا لسفر نبتغي نيل الهدى ... ففي السرى بغيتنا لا في الكرا ... من ينصب الليل ينل راحته ... عند الصباح يحمد القوم السرى ...

انتهى والضرب في الارض هو السفر للتجارة ابتغاء فضل اللّه سبحانه فذكر اللّه سبحانه اعذار بني آدم التي هي حائلة بينهم وبين قيام الليل ثم كرر سبحانه الامر بقراءة ما تيسر منه تاكيدا والصلاة والزكاة هنا هما المفروضتان فمن قال ان القيام من الليل غير واجب قال معنى الآية خذوا من هذا النفل بما تيسر وحافظوا على فرائضكم ومن قال ان شيأ من القيام واجب قال قد قرنه اللّه بالفرائض لانه فرض واقراض اللّه تعالى هو اسلاف العمل الصالح عنده وقرأ جمهور الناس هو خيرا على ان يكون هو فصلا قال بعض العلماء الاستغفار بعد الصلاة مستنبط من هذه الآية ومن

قوله تعالى كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون قال ع وعهدت ابي رحمه اللّه يستغفر اللّه اثر كل مكتوبة ثلاثا بعقب السلام ويأثر في ذلك حديثا فكان هذا الاستغفار من التقصير وتقلب الفكر اثناء الصلاة وكان السلف الصالح يصلون الى طلوع الفجر ثم يجلسون للاستغفار ت وما ذكره ع رحمه اللّه عن ابيه رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنساءي وابن ماجه عن ثوبان قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - اذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال اللّهم انت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والاكرام قال الوليد فقلت للاوزاعي كيف الاستغفار قال تقول استغفر اللّه استغفر اللّه استغفر اللّه وفي رواية لمسلم من حديث عائشة يا ذا الجلال والاكرام انتهى من سلاح المؤمن

﴿ ٢٠