سورة المطففينوهي مكية في قول جماعة وقال ابن عباس وغيره هي مدنية وعنه نزل بعضها بمكة ونزل امر التطفيف بالمدنية بسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى ويل للمطففين الآية المطفف الذي ينقص الناس حقوقهم والتطفيف النقصان اصله من الشيء الطفيف وهو النزر والمطفف انما ياخذ بالميزان بالمكيال شيأ خفيفا واكتالوا على الناس معناه قبضوا منهم وكالوهم معناه قبضوهم ويخسرون معناه ينقصون ٤وقوله سبحانه الا يظن بمعنى يعلم ويتحقق وقال ص الا يظن ذكر ابو البقاء ان لا هنا هي النافية دخلت عليها همزة الاستفهام وليست ألا التي للتنبيه والاستفتاح لان ما بعد الا التنبيهية مثبت وهو هنا منفي انتهى وقيام الناس لرب العالمين يومئذ يختلف الناس فيه بحسب منازلهم وروي انه يخفف عن المؤمن حتى يكون على قدر الصلاة المكتوبة وفي هذا القيام هو الجام العرق للناس كما صرح به النبي صلى اللّه عليه وسلم - في الحديث الصحيح والناس ايضا فيه مختلفون بالتخفيف والتشديد قال ابن المبارك في رقائقه اخبرنا سليمان التيمي عن ابي عثمان النهدي عن سلمان قال تدنى الشمس من الناس يوم القيامة حتى تكون من رءوسهم قاب قوس قاب قوسين فتعطى حر عشر سنين وليس على احد يومئذ طحربة ولا ترى فيه عورة مؤمن ولا مؤمنة ولا يضر حرها يومئذ مؤمنا ولا مؤمنة واما الآخرون قال الكفار فتطبخهم فانما تقول اجوافهم غق غق قال نعيم الطحربة الخرقة انتهى ونحو هذا للمحاسبي قال في كتاب التوهم فاذا وافي الموقف اهل السموات السبع والارضين السبع كسيت الشمس حر عشر سنين ثم ادنيت من الخلائق قاب قوس قاب قوسين فلا ظل في ذلك اليوم الا ظل عرش رب العالمين فكم بين مستظل بظل العرش وبين واقف لحر الشمس قد أصهرته واشتد فيها كربه وقلقه فتوهم نفسك في ذلك الموقف فانك لا محالة واحد منهم انتهى اللّهم عاملنا برحمتك وفضلك في الدارين فانه لا حول لنا ولا قوة الا بك ٧وقوله تعالى كلا ان كتاب الفجار يعنى الكفار وكتابهم يراد به الذي فيه تحصيل امرهم وافعالهم ويحتمل عندي ان يكون المعنى وعدادهم وكتاب كونهم هو في سجين اي هنالك كتبوا في الازل واختلف في سجين ما هو والجمهور ان سجينا بناء مبالغة من السجن قال مجاهد وذلك في صخرة تحت الارض السابعة ٨وقوله تعالى وما ادراك ما سجين تعظيم لامر هذا السجين وتعجيب منه ويحتمل ان يكون تقرير استفهام اي هذا مما لم تكن تعلمه قبل الوحي وكتاب مرقوم على القول الاول مرتفع على خبر ان وعلى القول الثاني مرتفع على انه خبر مبتدأ محذوف تقديره هو كتاب مرقوم ويكون هذا الكلام مفسرا لسجين ما هو ومرقوم معناه مكتوب لهم بشر وباقي الآية بين ثم اوجب ان ما كسبوا من الكفر والعتو قد ران على قلوبهم اي غطى عليها فهم مع ذلك لا يبصرون رشدا يقال رانت الخمر على قلب شاربها وران الغشي على قلب المريض وكذلك الموت قال الحسن وقتادة الرين الذنب على الذنب حتى يموت القلب وروى ابو هريرة ان النبي صلى اللّه عليه وسلم - قال ان الرجل اذا اذنب نكتت نكتة سوداء في قلبه ثم كذلك حتى يتغطى فذلك الران الذي قال اللّه تعالى كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون قال الفخر قال ابو معاذ النحوي الرين سواد القلب من الذنوب والطبع ان يطبع على القلب وهو اشد من الرين والاقفال اشد من الطبع وهو ان يقفل على القلب انتهى والضمير في قوله تعالى انهم عن ربهم للكفار اي هم محجوبون لا يرون ربهم قال الشافعي لما حجب اللّه قوما بالسخط دل على ان قوما يرونه بالرضى قال المحاسبي رحمه اللّه في كتاب توبيخ النفس وينبغي للعبد المؤمن اذا رأي القسوة من قلبه ان يعلم انها من الرين في قلبه فيخاف ان يكون اللّه تعالى لما حجب قلبه عنه بالرين والقسوة ان يحجبه غدا عن النظر اليه ١٤قال تعالى كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون احداهما تتلو الاخرى ليس بينهما معنى ثالث فان اعترض للمريد خاطر من الشيطان ليقتطعه عن الخوف من اللّه تعالى حتى تحل به هاتان العقوبتان فقال انما نزلتا في الكافرين فليقل فان اللّه لم يؤمن منهما كثيرا من المؤمنين وقد حذر سبحانه المؤمنين ان يعاقبهم بما يعاقب به الكافرين فقال تعالى واتقوا النار التي اعدت للكافرين الى غير ذلك من الآيات انتهى ولما ذكر اللّه تعالى امر كتاب الفجار عقب ذلك بذكر كتاب ضدهم ليبين الفرق بين الصنفين واختلف في الموضع المعروف بعليين ما هو فقال ابن عباس السماء السابعة تحت العرش وروي ذلك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - وقال الضحاك هو سدرة المنتهى وقال ابن عباس ايضا عليون الجنة ٢١وقوله تعالى يشهده المقربون يعنى الملائكة قاله ابن عباس وغيره وينظرون معناه الى ما عندهم من النعيم والنضرة النعمة والرونق والرحيق الخمر الصافية ومختوم يحتمل أنه يختم على كئوسه التي يشرب بها تهمما وتنظفا والظاهر انه مختوم شربه بالرائحة المسكية حسبما فسره قوله ختامه مسك قال ابن عباس وغيره خاتمة شربه مسك وقرأ الكساءي خاتمه مسك ثم حرض تعالى على الجنة بقوله وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ٢٧وقوله تعالى ومزاجه من تسنيم المزاج الخلط قال ابن عباس وغيره تسنيم اشرف شراب في الجنة وهو اسم مذكر لماء عين في الجنة وهي عين يشرب بها المقربون صرفا ويمزج رحيق الابرار بها وهذا المعنى في صحيح البخاري وقال مجاهد ما معناه ان تسنيما مصدر من سنمت اذا علوت ومنه السنام فكأنه عين قد عليت على اهل الجنة فهي تنحدر وقاله مقاتل وجمهور المتأولين ان منزلة الابرار دون منزلة المقربين وان الابرار هم اصحاب اليمين وان المقربين هم السابقون وقوله يشرب بها بمعنى يشربها ٢٩وقوله سبحانه ان الذين اجرموا كانوا يعنى في الدنيا يضحكون من المؤمنين روي ان هذه الآية نزلت في صناديد قريش وضعفة المؤمنين والضمير في مروا للمؤمنين ويحتمل ان يكون للكفار واما ضمير يتغامزون فهو للكفار لا يحتمل غير ذلك وفاكهين اي اصحاب فكاهة ونشاط وسرور باستخفافهم بالمؤمنين واما الضمير في رأوا وفي قالوا فقال الطبري وغيره هو للكفار وقال بعضهم بل المعنى بالعكس وانما المعنى واذا رأى المؤمنون الكفار قالوا ان هؤلاء لضالون وما ارسل المؤمنون حافظين على الكفار وهذا كله منسوخ على هذا التأويل ت والأول اظهر وقوله تعالى على الارائك ينظرون اي الى اعدائهم في النار قال كعب لاهل الجنة كوى ينظرون منها وقال غيره بينهم جسم عظيم شفاف يرون معه حالهم ت قال الهروي ٣٥قوله تعالى على الارائك ينظرون قال احمد بن يحيى الاريكة السرير في الحجلة ولا يسمى منفردا اريكة وسمعت الازهري يقول كل ما تكئى عليه فهو اريكة انتهى هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون اي جزاء ما كانوا يفعلون وهل ثوب تقرير وتوقيف للنبي صلى اللّه عليه وسلم - وامته |
﴿ ٠ ﴾