سورة سبأ

مكية كلها

٢

{مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ} أي يَدخلُ.

{وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} أي يصعَدُ.

٣

{لا يَعْزُبُ عَنْهُ} لا يبعُدُ.

{مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} أي وزنُ ذرةٍ، وهي: النملة الحمراء الصغيرة.

٥

{مُعَاجِزِينَ} أي مسابِقِين. يقال: ما أنت بمُعاجِزِي، أي بمُسابِقِي. وما أنت بمُعْجِزِي، أي سابِقِي وَفائِتِي.

٩

{كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} قطعةً. و "كِسَفًا": قِطَعًا؛ جمع كِسْفَةٍ.

١٠

{يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} أي سَبِّحي (١) . وأصله: التأْويبُ في السير؛ وهو: أن تسيرَ النهارَ كلَّه وتنزلَ ليلا. قال ابن مُقْبِل:

[لَحِقْنا بحيٍّ] أوَّبُوا السَّيرَ بعدَ مَا ... دَفَعْنا شُعاعَ الشمسِ والطَّرْفُ يَجْنَحُ (٢)

كأنه أراد: أوِّبِي النهارَ كلَّه بالتسبيح إِلى الليل.

١١

(السابغات) الدُّروعُ الواسعةُ.

__________

(١) تأويل المشكل ٨٤، وتفسير الطبري ٢٢/٤٥، واللسان ١/٢١٢.

(٢) البيت له: في تفسير القرطبي ١٤/٢٦٥، والبحر ٧/٢٦٣.

{وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} أي في النَّسْج، أي لا تَجعل المساميرَ دِقاقًا فَتَقْلَقَ ولا غِلاظًا فتكسِّرَ الحَلَقَ. ومنه قيل لصانع [حَلَقِ] الدُّروعِ: سَرَّادٌ وزَرَّادٌ. تبدل من السين الزايُ، كما يقال: سَرَّاطٌ وزَرَّاطٌ.

والسَّرْدُ: الخَرَزُ أيضًا. قال الشَّمَّاخ:

كما تَابَعَتْ سَرْدَ العِنَانِ الْخَوَازِرُ (١)

ويقال للإثْفَى: مِسْرَدٌ وسِرَادٌ.

١٢

{وَأَسَلْنَا لَهُ} أذَبْنا لهُ. يقال: سال الشيءُ وأسَلْتُه.

والقِطْرُ: النُّحاس.

١٣

{مَحَارِيبَ} مساجدَ.

و (الْجَوَابِي) : الحِياضُ. جمع جابِيَة، قال الشاعر:

تَرُوحُ على آلِ الْمُحَلَّقِ جَفْنَةٌ ... كجَابِيَةِ الشَّيْخِ العِرَاقيِّ تَفْهَقُ (٢)

{وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} ثَوَابِتَ في أماكنها تُتركُ -لعظمِها- ولا تُنقلُ. يقال: رَسَا [الشيءُ]-إذا ثَبَت- فهو يَرْسُو. ومنه قيل للجبال: رَوَاسٍ.

١٤

(المِنْسَأَةُ) : العصا. وهي مِفْعَلَة من نسأتُ الدابة: إذا سُقتُها قال الشاعر:

__________

(١) صدره كما في ديوانه ص٥٠:

(شككن بأحشاء الذنابي على هدى)

وكما في القرطبي ١٤/٢٦٨: (فظلت تباعا خيلنا في بيوتكم) وفي البحر: "فظن تباعا ... سرد الضأن"!.

(٢) ورد البيت غير منسوب في القرطبي ١٤/٢٧٥، ومنسوبا للأعشى: في اللسان ١٨/١٤٠، والطبري ٢٢/٤٩، والبحر ٧/٢٥٥ - ببعض اختلاف.

إذَا دَبَبْتَ على المِنْسَاةِ من كِبَرٍ ... فَقَدْ تَبَاعَدَ عنكَ اللّهوُ والغَزَلُ (١)

وقال الآخر:

وعَنْسٍ كألواحِ الإرَانِ نَسَأْتُها ... إذا قِيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ: هُمَاهُمَا (٢)

{فَلَمَّا خَرَّ} سقطَ {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ} كان الناس يَرون الشياطينَ تعلم كثيرا من الغيب والسر؛ فلمَّا خرَّ سليمانُ تبينتِ الجنُّ أي ظهر أمرها، ثم قال: {أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}

وقد يجوز أن يكون {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} أي علمتْ وظهر لها العجزُ. وكانت تسترقُ السمعَ وتُلَبِّسُ بذلك على الناس أنها تعلم الغيبَ؛ فلما خرَّ سليمانُ زال الشكُّ في أمرها كأنها أقرتْ بالعجز (٣) .

وفي مصحف عبد اللّه (٤) "تبيَّنتِ الإنْسُ أنَّ الجنَّ لو كانوا يَعلمون الغيبَ".

١٦

(الْعَرِمُ) المُسَنَّاةُ (٥) . واحدها: عَرِمَة قال الشاعر:

مِنْ سَبَأَ الحَاضِرينَ مَأْرِبَ إِذ ... يَبْنُونَ من دونِ سَيْلِه العَرِمَا (٦)

__________

(١) ورد البيت غير منسوب في اللسان ١/١٦٤، وتفسير الطبري ٢٢/٥١، والقرطبي ١٤/٢٧٩، والبحر ٧/٢٥٥. و "المنسأة" تهمز وتسهل. وقرأ أبو عمرو بالتسهيل، وقال: إنه لا يعرف لها اشتقاقا، كما في البحر ٧/٢٦٧.

(٢) ورد البيت غير منسوب في اللسان ١/١٦٤. وانظر القرطبي ١٤/٢٨٠.

(٣) راجع تقرير أبي حيان في البحر، لهذا الرأي.

(٤) يعني ابن مسعود. انظر تفسير القرطبي ١٤/٢٨١.

(٥) هي: الجسر، أو ضفيرة تبنى للسيل لترد الماء. انظر تفسير القرطبي ١٤/٢٨٦، والطبري ٢٢/٥٤، والبحر ٧/٢٧٠، واللسان ١٩/١٣١.

(٦) ورد البيت غير منسوب: في القرطبي ١٤/٢٨٣، واللسان ١/٨٧، وفي البحر ٧/٢٧٠ باختلاف وتصحيف. كما ورد في اللسان ١٥/٢٩٠ منسوبا للجعدي، بلفظ: "شرد من دون".

(الأكُلُ) : الثمر.

(الخَمْطُ) : شجرُ العِضَاهِ. وهي: كل شجرة ذاتِ شوك. وقال قَتادةُ: الخمطُ: الأَرَاكُ؛ وبَرِيرُه (١) أُكُلُه.

و (الأَثْلُ) : شبيهٌ بالطَّرْفاء إلا أنه أعظم منه.

١٧

(وَهَلْ يُجَازَى إِلا الْكَفُورُ) (٢) قال طاوسٌ: يُجازَى ولا يُغفرُ له؛ والمؤمن لا يناقَشُ الحسابَ.

١٨

{وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ} أي جعلنا ما بيْنَ القريةِ والقريةِ مقدارًا واحدًا.

١٩

{فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} أي عظة ومُعْتَبَرًا.

{وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} أي فرَّقناهم في كل وجه. ولذلك قالت العربُ للقوم إذا أخَذوا في وجوهٍ مختلفة: تفرَّقوا أيْدِي سَبَا (٣) . "وأيدي" بمعنى: مذاهبَ وطرُقٍ.

٢٠

{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} وذلك أنه قال: لأضِلَّنَّهم ولأُغْوِيَنَّهُم [ولأُمنِّيَنَّهم] ولآمُرَنَّهم بكذا؛ فلمَّا اتَّبعوه [وأطاعوه] صَدَّق ما ظنَّه؛ أي فيهم.

وقد فسرت هذا في كتاب "المشكل" (٤) .

٢٣

{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} خُفِّف عنها الفَزعُ.

__________

(١) أي ثمرة، كما في اللسان ٥/١٢٠. وانظر تفسير الطبري ٢٢/٥٦، والقرطبي ١٤/٢٨٦-٢٨٨، واللسان ٩/١٦٧.

(٢) هذه قراءة العامة. وقرأ يعقوب وحفص وحمزة والكسائي "نجازي" بالنون وكسر الزاي، "الكفور" بالنصب. انظر تفسير القرطبي ٢٨٨، والطبري ٥٧، والبحر ٧/٢٧١. وكلام طاوس ورد بنحوه في تفسير القرطبي.

(٣) اللسان ١/٨٧-٨٨.

(٤) ص ٢٤٠، وانظر الطبري ٢٢/٦٠، والقرطبي ١٤/٢٩٣.

ومن قرأ: فُرِّغَ (١) أراد فُرِّغَ منها الفزعُ.

٢٤

{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [هذا] كما تقول: أحدُنا على باطلٍ؛ وأنتَ تعلم أن صاحبك على الباطل، وأنك على الحق. و

قال أبو عبيدةَ: "معناها إنك لعلى هدًى، وإنكم لفي ضلال مبين" (٢) .

٢٦

{ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} أي يقضي. [ومنه قوله تعالى] : {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} (٣) أي القُضاةِ.

٢٨

{إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ} أي عامةً.

٣٣

{بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي مكرُكم في الليل والنهار (٤) .

{وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ} أي أظهروها، يقال: (٥) أسررتُ الشيءَ: أخفيتُه وأظهرتُه. وهو من الأضداد.

٣٤

(الْمُتْرَفُونَ) المتكبِّرون.

٣٧

{تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} أي قُرْبَى ومنزلةً عندنا.

{فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا} لم يُرد فيما يَرى أهلُ النظر -واللّه أعلم- أنهم يُجازون على الواحد بواحدٍ مثلِه ولا اثنَيْن. وكيف يكون هذا واللّه يقول: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (٦) وَ {خَيْرٌ مِنْهَا} (٧) ؟!!

__________

(١) كابن عمر، والحسن، وأيوب السختياني، وقتادة، وأبي مجلز. انظر تفسير الطبري ٢٢/٦٤، والبحر ٧/٢٧٨، والقرطبي ١٤/٢٩٨، وتأويل المشكل ٢٨ و ٣٢.

(٢) تفسير الطبري ٢٢/٦٥، والقرطبي ١٤/٢٩٨-٢٩٩، والبحر ٧/٢٧٩-٢٨٠، وتأويل المشكل ٢٠٨.

(٣) سورة الأعراف ٨٩، وانظر تأويل المشكل ٣٧٦، وتفسير القرطبي ١٤/١١١-١١٢ و ٣٠٠، والطبري ٢٢/٦٥-٦٦، وما تقدم: ص١٧٠.

(٤) تأويل المشكل ١٦٢، والقرطبي ١٤/٣٠٢، والطبري ٢٢/٦٧.

(٥) كما حكي عن أبي عبيدة: في اللسان ٦/٢١. وانظر تفسير القرطبي ٣٠٣، والبحر ٧/٢٨٣.

(٦) سورة الأنعام ١٦٠.

(٧) سورة النمل ٨٩ والقصص ٨٤.

ولكنه أراد لهم جزاء التَّضْعيفِ. وجزاءُ التَّضعيف إنَّما هو مِثلٌ يضم إلى مثلٍ إلى ما بَلغ. وكأن "الضعف": الزيادةُ؛ أي لهم جزاءُ الزيادة.

ويجوز أن يُجعَل "الضِّعفُ" في معنى الجمع أي [لهم] جزاءُ الأضعاف. ونحوُه: {عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ} (١) أي مُضَعَّفًا.

٤٥

{وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ} أي عُشرَه.

{فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي إنْكاري. وكذلك: {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (٢) ؛ أي إنْذاري، وجمعه: نُكُرٌ ونُذُرٌ.

٤٦

{مَثْنَى} أي اثنَيْن اثنين، {وَفُرَادَى} واحدًا واحدًا.

ويريد بـ"المَثْنَى": أن يتناظَرُوا في أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم؛ وبـ "فُرَادَى" (٣) أن يفكِّرُوا. فإن في ذلك ما دَلَّهم على أن النبي -صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- ليس بمجنونٍ ولا كذَّابٍ.

٤٨

{يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} أي يلقيه إلى أنبيائه صلوات اللّه عليهم.

٤٩

{وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ} أي الشيطانُ {وَمَا يُعِيدُ}

٥١

{وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} أي عند البعث.

{وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} أي قريبٍ على اللّه؛ يعني القبورَ (٤) .

٥٢

{وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} ؟ أي تناوُل ما أرادوا بلوغَه، وإدراكُ

__________

(١) سورة ص ٦١، وانظر القرطبي، واللسان ١٠٧-١٠٨.

(٢) سورة الملك ١٧، وقد ورد بالأصل واللسان ٧/٥٥: (فكيف كان نذير) وهو خطأ نشأ من الاشتباه، قد تفاداه صاحب التاج ٣/٥٦١.

(٣) تأويل المشكل ٢٤١، وتفسير القرطبي ١٤/٣١١، والطبري ٢٢/٧١.

(٤) تأويل المشكل ٢٥٥، والقرطبي ١٤/٣١٤، والطبري ٢٢/٧٣.

ما طلبوا من التوبة.

{مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} من الموضع الذي تُقبلُ فيه التوبةُ (١) .

والتناوُشُ يُهمز ولا يُهمز (٢) . يقال: نُشْتُ ونأشْتُ كما يقال: ذِمْتُ الرجلَ وذَأَمْتُه؛ أي عبتُه.

و

قال أبو عبيدةَ: نأشْتُ: طَلَبتُ (٣) . واحتَجَّ بقول رُؤْبةَ:

إليكَ نأْشُ القَدَرِ النَّؤُوشِ

وقال: "يريد طلبَ القَدَرِ المطلوبِ".

وقال الأصْمَعيُّ: "أراد تناوُلَ القدرِ لنا بالمكروه".

٥٣

{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ} أي بالظنِّ أن التوبةَ تنفعُهم.

٥٤

{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} من الإيمان. وهذا مفسر في "تأويل المشكل" (٤) بأكثرَ من هذا التفسير.

__________

(١) تأويل المشكل ٢٥٥، والقرطبي ١٤/٣١٦، والطبري ٢٢/٧٤، والبحر ٧/٢٥٦ و ٢٩٣-٢٩٤، واللسان ٨/٢٤١ و ٢٥٤-٢٥٥.

(٢) وبالهمز قرأ الأعمش وأبو عمرو والكسائي وحمزة وأبو بكر.

(٣) اللسان ٨/٢٤٢، وتفسير القرطبي ١٤/٣١٦.

(٤) ص ٢٥٦. وانظر تفسير الطبري ٢٢/٧٥، والقرطبي ١٤/٣١٣-٣١٤.

...

....

﴿ ٠