سورة ص

مكية كلها

١

{وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} أي ذي الشرف. مثل قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} (١) .

ويقال: فيه ذِكرُ ما قبله من الكتب.

٢

{وَشِقَاقٍ} عداوةٍ ومُباعدةٍ.

٣

{وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} أي لاتَ حين مَهْرَبٍ. والنَّوْص: التأخُّر في كلام العرب.

و"البَّوْص": التقدُّم. قال امرؤ القيس:

أمِنْ ذِكْرِ لَيْلَى -إذ نَأَتْكَ- تَنُوصُ ... فَتَقْصُرُ عنها خَطْوَةً وَتَبُوصُ?! (٢)

وقال ابن عباس: ليس حينَ نزوٍ، و [لا] فِرارٍ (٣) .

٥

{عُجَابٌ} وعَجِيبٌ واحد. مثل طُوَال وطَوِيل وعُرَاض وعَرِيض وكُبَار وكَبِير.

١٠

{فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ} أي في أبواب السماء، إن كانوا صادقين. قال زُهيرٌ:

__________

(١) سورة الأنبياء ١٠. وانظر ما تقدم: ص ٢٨٤ والطبري ٢٣/٧٥، والقرطبي ١٥/١٤٤، والدر ٥/٢٩٦.

(٢) البيت له في ديوانه ... ، واللسان ٨/٢٧٤ و٣٧٢، وتفسير الطبري ٢٣/٧٦. وصدره: في تفسير القرطبي ١٥/١٤٦، والبحر ٧/٣٨١. وانظر اللسان ٢٧٣، وتأويل المشكل ٢٥٥.

(٣) تفسير الطبري ٢٣/٧٧، والقرطبي ١٥/١٤٥، والدر المنثور ٥/٢٩٦. وانظراللسان ٣٧١، وتأويل المشكل ٤٠٣: و"النزو" ضرب من العدو: كما في اللسان ٢٠/١٩٣.

وَلَوْ نَالَ أسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ (١)

[وقال السُّدِّيُّ: في (الأسباب) : في الفضل والدين] قال أبو عبيدة: تقول العرب للرجل -إذا كان ذا دِينٍ فاضلٍ-: قد ارتقى فلانٌ في الأسباب. وقال غيره: كما يقال: قد بلغ السماءَ.

وأول هذه السورة مفسَّر في كتاب "تأويل المشكل" (٢) .

١٢

{وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ} ذو البناء المحكَم. والعرب تقول: هم في عزٍّ ثابت الأوتاد، ومُلكٍ ثابتِ الأوتاد. يريدون أنه دائم شديد.

وأصل هذا أن البيت من بيوتهم يَثْبُت بأوتاده.

قال الأسود بن يَعْفُرَ:

في ظِلِّ مُلْكٍ ثَابِتِ الأَوْتَادِ (٣)

وقال قتادة وغيره: هي أوتادٌ كانتْ لِفِرْعَوْنَ يُعَذِّبُ بها الرجل، فيَمُدُّه بين أربعةٍ منها حتى يموت (٤) .

١٣

و (الأَيْكَةُ) الغَيْضةُ.

{أُولَئِكَ الأَحْزَابُ} يريد الذين تَحَزَّبوا على أنبيائهم.

١٥

{مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} قال قتادة: ما لها من مَثْنَوِيَّةٍ.

وقال أبو عبيدة: من فَتَحها أراد: ما لها من راحةٍ ولا إفاقةٍ. كأنه يَذهبُ

__________

(١) ورد في تفسير القرطبي ١٥/١٥٣، وتأويل المشكل ٢٧٢. وصدره - كما في ديوانه ٣٠، وشرح القصائد العشر ١٢٠، واللسان ١/٤٤١:

*ومن هاب أسباب المنايا ينلنه*

وانظر تفسير الطبري ٢٣/٨٢، والدر المنثور ٥/٢٩٧.

(٢) ص ٢٣٢ و٢٣٩ و٢٥٥ و٢٧٢-٢٧٣ و٣٨٧ و٤٠٣ و٤٠٨ و٤١٣.

(٣) ورد له في البحر ٧/٣٨٦. وصدره - كما في تفسير القرطبي ١٥/١٥٥، والمفضليات ٢١٧:

*ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة*

(٤) تفسير الطبري ٢٣/٨٣، والقرطبي ١٥/١٥٤، والبحر، والدار ٥/٢٩٧.

بها إلى إفاقةِ المريض من علَّتِه ومَن ضَمَّها جعلها: فُواق ناقةٍ؛ وهو: ما بيْن الحَلْبَتَيْن. يريد ما لها من انتظارٍ.

و"الفَوَاق" والفُوَاق واحدٌ -كما يقال: جَمَامُ المَكُّوكِ وجُمَامُه- وهو: أن تُحلَبَ الناقةُ وتُترَكَ ساعةً حتى ينزل شيءٌ من اللبن ثم تُحلَبَ. فما بين الحلبتين فَُواقٌ. فاستُعير الفُوَاق في موضع التَّمَكُّثِ والانتظارِ.

١٦-١٧- {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} والقطُّ: الصحيفةُ المكتوبةُ؛ وهي الصَّكُّ.

وروي في التفسير: أنهم قالوا ذلك - حين أُنزلَ عليه: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} و (بِشِمَالِهِ) (١) - يستهزئون. أي عجِّلْ لنا هذا الكتاب قبلَ يوم الحساب.

فقال اللّه: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ}

{إِنَّهُ أَوَّابٌ} رَجَّاعٌ تَوَّاب.

٢٠

و {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} يقال: أما بعدُ. ويقال: الشُّهودُ والأيْمَانُ؛ لأن القطع في الحكم بهم (٢) .

٢١

{تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} أي صَعِدوا.

٢٢

{وَلا تُشْطِطْ} أي لا تَجُرْ علينا. يقال: أشْطَطتُ؛ إذا جُرتُ. وشَطَّتْ الدَّارُ: إذا بعدتْ؛ فهي تَشُطُّ وتَشِطُّ.

{وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} أي قَصْدِ الطريق.

__________

(١) سورة الحاقة ١٩ و٢٥. وانظر تفسير الطبري ٢٣/٨٥-٨٦، والقرطبي ١٥/١٥٧-١٥٨.

(٢) تفسير الطبري ٢٣/٨٨-٨٩، والقرطبي ١٥/١٦٢، والدر المنثور ٥/٣٠٠.

٢٣

{فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} أي ضُمَّهَا إليَّ واجعلني كافِلَها.

{وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} أي غلبني في القول.

ويقال: صار أعزَّ مني. يقال: عَازَزْتُهُ فعَزَزْتُهُ وعَزَّني.

٢٤

{بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} أي مضمومةً إلى نعاجه؛ فاختُصر. ويقال: "إلى" بمعنى "مع".

و (الْخُلَطَاءُ) الشركاءُ.

٢٥

{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى} تَقَدُّمًا وقُرْبَةً.

٣١

و {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} الخيلُ. يقال: هي القائمةُ على ثلاثِ قوائم، وقد أقامت اليدَ الأخرى على طَرَف الحافر من يدٍ كان أو رجلٍ. هذا قول بعض المفسرين (١) .

والصافِنُ - في كلام العرب: الواقفُ من الخيلِ وغيرها. قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: " مَن سرَّه أن يقومَ الرجالُ له صُفُونًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِن النَّارِ "؛ أي يُديمون له القيامَ (٢) .

٣٣

{فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} أي أقْبَل يمسَحُ بضرْبِ سوقِها وأعناقِها.

٣٤

{وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} يقال: شيطانٌ. ويقال: صنمٌ.

٣٦

{رُخَاءً} أي رِخْوَةً ليِّنةً.

{حَيْثُ أَصَابَ} أي حيث أراد من

__________

(١) كمجاهد. انظر تفسير الطبري ٢٣/٩٨-٩٩، والقرطبي ١٥/١٩٣، والدر المنثور ٥/٢٠٩، واللسان ١٧/١١٥.

(٢) القرطبي واللسان، والنهاية ٢/٢٦٨، والطبري ٢٣/٩٨.

النواحي. قال الأصمعي (١) العرب تقول: أصاب الصواب فأخطأ الجواب. أي أراد الصواب.

٣٨

(الأَصْفَادُ) الأَغلالُ في التفسير (٢) .

٣٩

{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ} أي فأعط أو أمسك. كذلك قيل في التفسير (٣) . ومثله: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} (٤) . أي لا تُعطِ لتأخُذَ من المكأفاة أكثر مِمَّا أعطَيْتَ.

قال الفَرَّاءُ أراد: هذا عطاؤنا فمُنَّ به في العطية. أراد أنه إذا أعطاه فهو مَنٌّ فسمَّى العطاءَ مَنًّا (٥) .

٤١

(النُّصْبُ) والنَّصَبُ (٦) واحدٌ - مثل حُزن وحَزن - وهو: العَناء والتعب.

وقال أبو عبيدة (٧) النُّصْب: الشر. والنَّصَب الإعياء.

٤٢

{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} أي اضرب الأَرضَ برجلك. ومنه ركَضْتُ الفَرسَ.

و (المُغْتَسَلُ) المَاءُ. وهو: الغَسُول أيضًا.

__________

(١) كما في اللسان ٢/٢٣. وروى نحوه القرطبي ١٥/٢٠٥ عن ابن الأعرابي، وصاحب البحر ٧/٣٩٨ عن الزجاج. وانظر الطبري ٢٣/١٠٣-١٠٤.

(٢) عن قتادة والسدي. انظر الطبري، والقرطبي ١٥/٢٠٦، والدر ٥/٣١٤.

(٣) تفسير الطبري ٢٣/١٠٥، والقرطبي ١٥/٢٠٦، والدر المنثور ٥/٣١٥، والبحر ٧/٣٩٩.

(٤) سورة المدثر ٦. وانظر تأويل المشكل ١٤١، واللسان ١٧/٣٠٦، ومفردات الراغب ٤٩١.

(٥) اللسان ١٧/٣٠٦.

(٦) ويقال: إنه قرئ بالثانية، أو بضم النون والصاد، أو بفتح فسكون أيضا. انظر القرطبي ١٥/٢٠٧، والطبري ٢٣/١٠٦، والبحر ٧/٤٠٠.

(٧) القرطبي. وانظر اللسان ٢/٢٥٤-٢٥٥.

٤٤

و (الضِّغْثُ) الحُزْمةُ من الخَلَى والعِيدَانِ (١) .

٥٢

{أَتْرَابٌ} أسنانٌ واحدةٌ.

٥٧

(الْغَسَّاقُ) (٢) . ما يَسيل من جلود أهل النار وهو الصديد. يقال: غَسَقتْ عينُه؛ إذا سالتْ.

ويقال: هو البارد المُنْتِنُ.

٥٨

{وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ} أي مِن نحوِه.

{أَزْوَاجٌ} أي أصنافٌ. قال قَتادةُ (٣) هو الزَّمْهَرِير.

٦١

{مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا} أي من سَنَّه وشَرَعه.

٦٣

{أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} (٤) أي كنا نَسْخَر منهم.

ومَن ضم أولَه (٥) جعله من "السُّخْرة". أي يَتَسَخَّرونهم ويَسْتَذِلُّونهم. كذلك قال أبو عبيدة.

__________

(١) الطبري ٢٣/١٠٨، واللسان ٢/٤٦٩ و١٨/٢٦٦-٢٦٧.

(٢) بتشديد السين وتخفيفها. وقرئ بكل منهما. انظر الطبري ٢٣/١١٣، والقرطبي ١٥/٢٢١ والبحر ٧/٤٠٦، واللسان ١٢/١٦٣.

(٣) أو ابن مسعود. انظر تفسير الطبري ٢٣/١١٤، والقرطبي ١٥/٢٢٢-٢٢٣، والبحر ٧/٤٠٦، والدر المنثور ٥/٣١٨.

(٤) بالوصل كما في الأصل. وهي قراءة الأعمش وأبي عمرو وحمزة والكسائي. وقرأ نافع وابن كثير وعاصم وابن عامر وغيرهم: (أتخذناهم) بالقطع، على الاستفهام.

(٥) كنافع والمفضل وحمزة والكسائي. انظر القرطبي ١٥/٢٢٥.

﴿ ٠