سورة الفتحمدنية كلها (١) ١{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} أي قضينا لك قضاءً عظيمًا. ويقال للقاضي: الفتاح (٢) . ٤{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} أي السكون والطمأنينة (٣) . ٩{وَتُعَزِّرُوهُ} أي تعظموه. وفي تفسير أبي صالح: تنصروه (٤) . ١٢{وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} أي هَلْكَى. قال ابن عباس: "البور -في لغة أَزْد عُمَان- (٥) الفاسد". و"البور" -في كلام العرب-: لا شيء؛ يقال: أصبحت أعمالهم بُورًا، أي مبطَلة. وأصبحت ديارهم بُورًا، أي معطَّلة خرابًا. ١٧{لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} أي إثم في ترك الغزو. ١٨-١٩- {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} أي جازاهم بفتح قريب {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا} ٢٠{وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ} أي عن عيالكم؛ __________ (١) بالإجماع. على ما في تفسير القرطبي ١٦/٢٥٩، والبحر ٨/٨٨، والدر المنثور ٦/٦٧. (٢) كما تقدم ص ١٧٠. وانظر صفحة ٣٥٧، وتأويل المشكل ٣٧٦. (٣) قال ابن عباس -كما في القرطبي ١٦/٢٦٤- "كل سكينة في القرآن هي: الطمأنينة؛ إلا التي في البقرة ٢٤٨" وانظر ما تقدم ص ٩٢، والطبري ٢٦/٤٥. (٤) تفسير الطبري ٢٦/٤٧، والقرطبي ١٦/٢٦٧-٢٦٨، والدر ٦/٧١. (٥) في اللسان ٤/٣٨ و "عمان": كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند. على ما في معجم ياقوت ٦/٢١٥، والبكري ٣/٩٧٠، واللسان ١٧/١٦٢. ليكونَ (١) كفُّ أيدي الناس -أهل مكةَ- عن عيالهم، {آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} ٢١{وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} مكةُ. ٢٥{وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا} أي محبوسًا. يقال: عكفتُه عن كذا؛ إذا حبسته. ومنه: "العاكف في المسجد" إنما هو: الذي حبَس نفسه فيه. {أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} أي مَنْحَرَه (٢) . {وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} مفسر في كتاب "التأويل" (٣) . ٢٦{وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} قول "لا إله إلا اللّه". ٢٩{ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} أي صفتهم (٤) . ثم استأنف، فقال: {وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} قال أبو عبيدة: "شَطْءُ الزرع: فِراخه وصغاره (٥) ؛ يقال: قد أشطأ الزرع فهو مشطئ؛ إذا أفرخ". قال الفراء. "شطْئُه: السُّنبل تُنبت الحبةُ عشْرًا وسبعًا وثمانيًا". {فَآزَرَهُ} أي أعانه وقوّاه. {فَاسْتَغْلَظَ} أي غلُظ. {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} جمع "ساق". [مثل دُور ودار] . ومنه يقال: "قام كذا على سوقه __________ (١) جرى في هذا على مذهب الكوفيين: من أن الواو في "ولتكون" مقحمة. أما البصريون فيقولون: إنها عاطفة على مضمر، أي لتشكروه ولتكون. كما في تفسير القرطبي ١٦/٢٧٩، والبحر ٨/٩٧، وانظر الطبري ٢٦/٥٧. (٢) كما قال الفراء. وقال الشافعي وأبو حنيفة: الحرم. على ما في تفسير القرطبي ١٦/٢٨٣، والبحر ٨/٩٨. وانظر اللسان ١٣/١٧٣. (٣) ص ٢٨٥. وراجع القرطبي ١٦/٢٨٥-٢٨٨. (٤) تأويل المشكل ٥٩-٦٠، وتفسير الطبري ٢٦/٧١. (٥) وهو قول ابن زيد وابن الأعرابي والجوهري. على ما في الطبري ٢٦/٧٢، والقرطبي ١٦/٢٩٩، والبحر ٨/١٠٢، واللسان ١/٩٤. وعلى السوق"؛ لا يراد به السوقُ: التي يُباع فيها ويُشترى. إنما يراد: أنه قد تناهى وبلغ الغاية؛ كما أن الزرع إذا قام على السوق فقد استَحكَم. وهذا مثل ضربه اللّه للنبي -صلى اللّه عليه وسلم-: إذ خرج وحدهُ، فأيده بأصحابه؛ كما قوَّى الطاقة من الزرع بما نبت منها حتى كثُرتْ وغلُظتْ واستحكمتْ. |
﴿ ٠ ﴾