٣

{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} أي: يُحرِّمونهم تحريم ظهور الأمهات (٢) .

ويروى: أن هذا نزل في رجل (٣) ظاهَرَ فذكر اللّه قصته.

ثم تبع هذا كلُّ ما كان من الأم محرمًا على الابن أن يطأه: كالبطن والفَخْذِ وأشباهِ ذلك.

وقوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ؛ يتوهم قوم: (٤) أن الظِّهار لا يُحسب ولا يقع حتى يتكرر اللفظ به؛ لقول (٥) اللّه تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} وقد أجمع الناس على أن الظِّهار يقع بلفظ واحد.

فأمَّا تأويلُ قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ؛ فإن أهل الجاهليَّة كانوا يطلِّقون

__________

(١) في قول العامة. وروي عن عطاء: أن العشر الأول منها مدني، وباقيها مكي. وعن الكلبي أن الآية السابعة مكية. وفي الأصل: "مكية كلها" وهو تصحيف. راجع تفسير القرطبي ١٧/٢٦٩ والفخر الرازي ٨/١٠٨، والشوكاني ٥/١٧٦، والبحر ٨/٢٣٢، والدر المنثور ٦/١٧٩.

(٢) بأن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي. وهو قول المنكر والزور، الذي عناه اللّه بقوله في الآية الثانية: (وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) . كما في القرطبي ١٧/٢٨٠.

(٣) هو: أوس بن الصامت. وامرأته خولة -أو خويلة أو جميلة- بنت ثعلبة أو خويلد أو الصامت أو الدليج أو حكيم. راجع قصتهما: في تفسير الطبري ٢٨/٢-٦، والقرطبي ١٧/٢٦٩-٢٧٢، والدر ٦/١٧٩-١٨٣، وأسباب النزول للواحدي ٣٠٤-٣٠٦.

(٤) هم: داود بن علي وأتباعه أهل الظاهر. ونسب مذهبهم إلى بكير بن الأشج وأبي العالية وأبي حنيفة والفراء؛ على ما في القرطبي ١٧/٢٨٠-٢٨١، والشوكاني ٥/١٧٨، والبحر ٨/٢٣٣، والفخر ٨/١١٣. وراجع الطبري ٢٨/٧-٨.

(٥) عبارة الأصل: " ... لا يحسب ارتفع حتى يكون اللفظ به كقول ... " وهي ناقصة مصحفة ولعل أصلها ما ذكرناه.

بالظِّهار؛ فجعل اللّه حُكمَ الظِّهار في الإسلام خلافَ حكمه عندهم في الجاهلية؛ وأنزل: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} في الجاهلية {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [لما] كانوا يقولونه من هذا الكلام (١) .

{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} أي عتقُها

{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (٢) .

﴿ ٣