٣٠

و اذ قال ربّك للملئكة انّى جاعل فى الارض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدّماء ? قال اللّه تعالى ذكره لملائكته إنى جاعل فى الارض خليفة قال لهم: إنى جاعل فاعل. فعرضوا برأيهم، فعلّمهم علما و طوى عنهم علما علمه لا يعلمونه، فقالوا بالعلم الذى علمهم: أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و قد كانت الملائكة علمت من علم اللّه أنه لا ذنب أعظم عند اللّه من سفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك قال إنى أعلم مالا تعلمون. فلما أخذ فى خلق آدم همست الملائكة فيما بينهما، فقالوا: ليخلق ربن ما شاء أن يخلق، فلن يخلق خلقا إلاّ كنا أعلم منه و أكرم عليه منه. فلما خلقه و نفخ فيه من روحه أمرهم أن يسجد وا له لما قالوا، ففضّله عليهم فعلموا أنهم ليسوا بخير منه، فقالوا: إن لم نكن خيرا منه فنحن أعلم منه، لأنا كنا قبله، و خلقت الأمم قبله. فلما أعجبوا بعلمهم ابتلوا، فـعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئونى باسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. أنّى لا أخلق خلقا الاّ كنتم أعلم منه، فأخبرونى بأسماء هؤلاء قال: ففزع القوم الى التوبة و اليها يفزع كل مؤمن فقالوا: سبحانك لا علم لنا ... ما كنتم تكتمون. لقولهم: ليخلق ربّنا ما شـاء، فلن يخلق خلقا. اكرم عليه منا و لا أعلم منـا قـال علمـه اسم كل شئ، هـذه الجبال و هذه البغال و الإبل و الجنّ و الوحش، و جعل يسمى كل شئ باسمه، و عرضت عليه كل أمة، فقال الم أقـل لـكم إنى أعـلم غيب السموات و الارض و أعلم ما تبدون و ما كنتم تكتمون، قال: أمّا ما أبـدوا فقولهم: أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و أمـا ما كـتموا فقول بعـضهم لبعض: نحن خير منه و أعلم٩.

﴿ ٣٠