١٧٤إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللّه مِنَ الْكِتابِ نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم وذلك أنهم كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والمآكل وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم ، فلما بعث محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وهو من غيرهم خافوا على ذهاب مآكلهم وزوال رئاستهم فعمدوا إلى صفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فكتموها فأنزل اللّه : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللّه مِنَ الْكِتابِ أي في الكتاب من صفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونعته ووقت نبوته هذا قول المفسرين قال الإمام فخر الدين الرازي وعند المتكلمين هذا ممتنع لأن التوراة والإنجيل قد بلغا من الشهرة والتواتر إلى حيث تعذر ذلك فيهما بل كانوا يكتمون التأويل لأنه قد كان منهم من يعرف الآيات الدالة على نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فكانوا يذكرون لها تأويلات باطلة ويصرفونها عن محالها الصحيحة الدالة على نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فهذا هو المراد بالكتمان فيصير المعنى ، إن الذين يكتمون معاني ما أنزل اللّه من الكتاب وَيَشْتَرُونَ بِهِ أي بالكتمان وقيل يعود الضمير إلى ما أنزل اللّه من الكتاب ثَمَناً قَلِيلًا أي عوضا يسيرا وهي المآكل التي كانوا يأخذونها من سفلتهم أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ يعني ما يؤديهم إلى النار وهو الرشا والحرام فلما كان يفضي بهم ذلك إلى النار فكأنهم أكلوها وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللّه يَوْمَ الْقِيامَةِ أي كلام رحمة وما يسرهم بل يكلمهم بالتوبيخ ، وهو قوله اخسئوا فيها وقيل أراد به الغضب يقال فلان لا يكلم فلانا إذا غضب عليه وَلا يُزَكِّيهِمْ أي ولا يطهرهم من دنس الذنوب وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أي وجيع يصل ألمه إلى قلوبهم |
﴿ ١٧٤ ﴾