٩٦

دَرَجاتٍ مِنْهُ قال قتادة : كان يقال للإسلام درجة والهجرة في الإسلام درجة الجهاد في الهجرة درجة والقتل في الجهاد درجة ، وقال ابن زيد الدرجات هي سبع وهي التي ذكرها اللّه في سورة براءة حين قال : ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّه إلى قوله : وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ وقال ابن محيريز الدرجات سبعون درجة ما بين كل درجتين حضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة

(م) عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال : (من رضي باللّه ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له الجنة فتعجب لها أبو سعيد فقال أعدها علي يا رسول اللّه فأعادها عليه ثم قال وأخرى يرفع اللّه بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض قال وما هي يا رسول اللّه؟ قال الجهاد في سبيل اللّه)

(خ) عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : (من آمن باللّه ورسوله وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وحج كان حقا على اللّه أن يدخله الجنة جاهد في سبيل اللّه أو جلس في أرضه التي ولد فيها فقالوا أولا نبشر الناس بقولك؟ فقال إن في الجنة مائة درجة أعدها اللّه للمجاهدين في سبيل اللّه ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس الأعلى فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة)

فإن قلت قد ذكر اللّه عز وجل في الآية الأولى درجة واحدة وذكر في هذه الآية درجات فما وجه الحكمة في ذلك؟

قلت أما الدرجة الأولى فلتفضيل المجاهدين على القاعدين بوجود الضرر والعذر.

وأما الثانية فلتفضيل المجاهدين على القاعدين من غير ضرر ولا عذر فضلوا عليهم بدرجات كثيرة

وقيل يحتمل أن تكون الدرجة الأولى درجة المدح والتعظيم والدرجات درجات الجنة ومنازلها كما في الحديث واللّه أعلم.

قوله تعالى : وَمَغْفِرَةً يعني لذنوبهم يسترها ويصفح عنها وَرَحْمَةً يعني رأفة بهم وَكانَ اللّه غَفُوراً يعني لذنوب عباده المؤمنين رحيما يعني بهم يتفضل عليهم برحمته ومغفرته عن ابن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال : قال : (أيما عبد من عبادي خرج مجاهدا في سبيل اللّه ابتغاء مرضاتي ضمنت له إن أرجعته أرجعته بما أصاب من أجر أو غنيمة وإن قبضته غفرت له ورحمته) أخرجه النسائي.

(فصل) اعلم أن الجهاد ينقسم إلى : فرض عين وفرض كفاية ، ففرض العين أن يدخل العدو دار قوم من المؤمنين وبلادهم فيجب على كل مكلف من الرجال ممن لا عذر له ولا ضرر به من أهل تلك البلدة الخروج إلى عدوهم دفعا عن أنفسهم وعن أهليهم وجيرانهم وسواء في ذلك الحر والعبد والغني والفقير فيجب على الكافة وهو في حق من بعد عنهم من المسلمين فرض كفاية فإن لم تقع الكفاية بمن نزل بهم العدو فتجب مساعدتهم على من

قرب منهم من المسلمين أو بعد عنهم ، وإن وقعت الكفاية بالمنزول بهم فلا فرض على الأبعدين إلا على طريق الاختبار ولا يدخل في هذا الفرض يعني فرض الكفاية الفقراء والعبيد ، وإذا كان الكفار قادرين في بلادهم فعلى الإمام أن لا يخلي كل سنة من غزاة يغزوهم فيها إما بنفسه أو سراياه حتى لا يبطل الجهاد والاختبار. والمطيق الجهاد مع وقوع الكفاية بغيره لا يقعد عنه ولكن لا يفرض عليه لأن اللّه تعالى وعد المجاهدين والقاعدين الثواب بقوله : وَكُلًّا وَعَدَ اللّه الْحُسْنى ولو كان فرضا على الكافة لاستحق القاعدون عن الجهاد العقاب لا الثواب واللّه أعلم.

قوله تعالى :

﴿ ٩٦