٤

٥

٦

٧

وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٥) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٦) وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)

وَما تَأْتِيهِمْ يعني أهل مكة مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ يعني من المعجزات الباهرات التي جاء بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مثل انشقاق القمر وغير ذلك

وقيل المراد بالآيات آيات القرآن إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ يعني إلا كانوا لها تاركين وبها مكذبين فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ يعني بآيات القرآن

وقيل بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وبما أتى به من المعجزات لَمَّا جاءَهُمْ يعني لما جاءهم الحق من عند ربهم كذبوا به فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يعني فسوف يأتيهم أخبار استهزائهم إذا عذبوا في الآخرة.

قوله تعالى : أَلَمْ يَرَوْا الخطاب لكفار مكة يعني ألم ير هؤلاء المكذبون بآياتي كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ يعني مثل قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الأمم الماضية والقرون الخالية. والقرن الأمة من الناس وأهل كل زمان قرن سموا بذلك لاقترانهم في الوجود في ذلك الزمان

وقيل سمي قرنا لأنه زمان بزمان وأمة بأمة واختلفوا في مقدار القرن ، فقيل : ثمانون سنة.

وقيل : ستون سنة.

وقيل : أربعون سنة.

وقيل : مائة وعشرون ،

وقيل : مائة سنة. وهو الأصح لما روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لعبد اللّه بن بشر المازني : إنك تعيش قرنا فعاش مائة سنة. فعلى هذا القول : المراد بالقرن أهله الذين وجدوا فيه ، ومنه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم : خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم يعني أصحابي وتابعيهم وتابعي التابعين مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ يعني أعطيناهم ما لم نعطكم يا أهل مكة

وقيل أمددناهم في العمر والبسطة في الأجسام والسعة في الأرزاق مثل إعطاء قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً مفعال من الدر يعني وأرسلنا المطر متتابعا في أوقات الحاجة إليه والمراد بالسماء المطر سمي بذلك لنزوله منها وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ يعني :

وفجرنا لهم العيون تجري من تحتهم والمراد منه كثرة البساتين فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ يعني بسبب ذنوبهم وكفرهم وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ يعني وخلفنا من بعد هلاك أولئك أهل قرن آخرين وفي هذه الآية ما يوجب الاعتبار والموعظة بحال من مضى من الأمم السالفة والقرون الخالية فإنهم مع ما كانوا فيه من القوة وسعة

الرزق وكثرة الأتباع أهلكناهم لما كفروا وطغوا وظلموا فكيف حال من هو أضعف منهم وأقل عددا وعددا وهذا يوجب الاعتبار والانتباه من نوم الغفلة ورقدة الجهالة.

قوله عز وجل : وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ الآية. قال الكلبي ومقاتل : نزلت في النضر بن الحارث وعبد اللّه بن أمية ونوفل بن خويلد قالوا يا محمد لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند اللّه ومعه أربعة من الملائكة يشهدون عليه أنه من عند اللّه وإنك رسوله فأنزل اللّه تعالى هذه الآية وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ يعني من عندي يعني مكتوبا في قرطاس وهو الكاغد والصحيفة التي يكتب فيها فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ يعني فعاينوه ومسوه بأيديهم وإنما ذكر اللمس ، ولم يذكر المعاينة ، لأنه أبلغ في إيقاع العلم بالشيء من الرؤية ، لأن المرئيات قد يدخلها التخيلات كالبحر ونحوه بخلاف الملموس لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ يعني لو أنزلنا عليهم كتابا كما سألوه لما آمنوا به ولقالوا هذا سحر مبين كما قالوا في انشقاق القمر وأنه لا ينفع معهم شيء لما سبق فيهم من علمي بهم.

وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (٩) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١)

﴿ ٤