٩٨٩٩١٠٠١٠١أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى يعني نهارا لأن الضحى صدر النهار وَهُمْ يَلْعَبُونَ يعني : وهم ساهون لاهون غافلون عما يراد بهم. والمقصود من الآية أن اللّه خوفهم بنزول العذاب وهم في غاية الغفلة وهو حال النوم بالليل وحال الضحى بالنهار لأنه الوقت الذي يغلب على الإنسان التشاغل فيه بأمور الدنيا ، وأمور الدنيا كلها لعب ويحتمل أن يكون المراد خوضهم في كفرهم وذلك لعب أيضا لأنه يضر ولا ينفع أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللّه يعني استدراجه إياهم بما أنعم عليهم من الدنيا وقيل : المراد به أن يأتيهم عذابه من حيث لا يشعرون ، وعلى هذا الوجه فيكون بمعنى التحذير وسمي هذا العذاب مكرا لنزوله وهم في غفلة عنه لا يشعرون به فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّه إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ يعني أنه لا يأمن أن يكون ما أعطاهم من النعمة مع كفرهم استدراجا إلا من خسر في أخراه وهلك مع الهالكين أَوَلَمْ يَهْدِ أو لم يبين لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ هلاك أَهْلِها الذين كانوا من قبلهم فورثوها عنهم وخلفوهم أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ يعني لو نشاء أخذناهم وعاقبناهم بسبب كفرهم وَنَطْبَعُ أي نختم عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ يعني لا يسمعون موعظة ولا يقبلون الإيمان ونطبع منقطع عما قبله والمعنى ونحن نطبع على قلوبهم ويجوز أن يكون معطوفا على الماضي ولفظه لفظ المستقبل والمعنى لو شئنا طبعنا على قلوبهم تِلْكَ الْقُرى يعني هذه القرى التي ذكرنا لك يا محمد أمرها وأمر أهلها وهي قرى قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وشعيب نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها يعني نخبرك عنها وعن أخبار أهلها وما كان من أمرهم وأمر رسلهم الذين أرسلوا إليهم لتعلم يا محمد إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا معهم على أعدائنا وأعدائهم من أهل الكفر والعناد وكيف أهلكناهم بكفرهم وبمخالفتهم رسلهم ففيه تسلية للنبي صلى اللّه عليه وسلم وتحذير لكفار قريش أن يصيبهم مثل ما أصابهم وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ يعني لأهل تلك القرى رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ يعني جاءتهم رسلهم بالمعجزات الباهرات والبراهين الدالة على صدقهم فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ اختلف أهل التفسير في معنى ذلك فقيل : معناه فما كانوا هؤلاء المشركين الذين أهلكناهم من أهل القرى ليؤمنوا عند إرسالنا إليهم رسلهم بما كذبوا من قبل ذلك وهو يوم أخذ ميثاقهم حين أخرجهم من ظهر آدم عليه السلام فأقروا باللسان وأضمروا التكذيب وهذا معنى قول ابن عباس والسدي. قال السدي : آمنوا كرها يوم أخذ الميثاق ، وقال مجاهد : فما كانوا لو أحييناهم بعد إهلاكهم ومعاينتهم العذاب ليؤمنوا بما كذبوا من قبل هلاكهم وقيل معناه فما كانوا ليؤمنوا عند مجيء الرسل بما سبق لهم في علم اللّه أنهم يكذبون به حين أخرجهم من صلب آدم عليه الصلاة والسلام. قال أبيّ بن كعب : كان سبق لهم في علمه يوم أقروا له بالميثاق أنهم لا يؤمنون به وقال الربيع بن أنس يحق على العباد أن يأخذوا من العلم ما أبدى لهم ربهم وأن لا يتأولوا علم ما أخفى اللّه تعالى عنهم فإن علمه نافذ فيما كان وفيما يكون وفي ذلك قال تعالى : وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللّه عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ قال : نفذ علمه فيهم أيهم المطيع من العاصي حيث خلقهم في صلب آدم عليه الصلاة والسلام. قال الطبري : وأولى الأقوال بالصواب قول أبيّ بن كعب والربيع بن أنس وذلك أن من سبق في علم اللّه أنه لا يؤمن به فلا يؤمن أبدا وقد كان سبق في علم اللّه لمن هلك من الأمم الذين قص خبرهم في هذه السورة أنهم لا يؤمنون أبدا فأخبر عنهم أنهم لم يكونوا ليؤمنوا بما هم مكذبون به في سابق علمه قبل مجيء الرسل عند مجيئهم إليهم كَذلِكَ يَطْبَعُ اللّه عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ يعني كما طبع اللّه على قلوب كفار الأمم الخالية وأهلكهم كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين الذين كتب اللّه عليهم أنهم لا يؤمنون من قومك. وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (١٠٢) ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣) وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللّه إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٠٥) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦) |
﴿ ٩٨ ﴾