٢٠

٢١

٢٢

٢٣

٢٤

قوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّه وَرَسُولَهُ يعني في أمر الجهاد لأن فيه بذل المال والنفس وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ يعني عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم لأن التولي لا يصح إلا في حق الرسول صلى اللّه عليه وسلم لا في حق اللّه تعالى والمعنى لا تعرضوا عنه وعن معونته ونصرته في الجهاد وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ يعني القرآن يتلى عليكم وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا بألسنتهم سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ يعني وهم لا يتعظون ولا ينتفعون بما سمعوا من القرآن والمواعظ وهذه صفة المنافقين إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّه يعني إن شر من دب على وجه الأرض من خلق اللّه عند اللّه الصُّمُّ عن سماع الحق الْبُكْمُ عن النطق به فلا يقولونه الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ يعني لا يفهمون عن اللّه أمره ونهيه ولا يقبلونه وإنما سماهم دواب لقلة انتفاعهم بعقولهم. قال ابن عباس : هم نفر من بني عبد الدار بن قصي كانوا يقولون نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد صلى اللّه عليه وسلم فقتلوا جميعا يوم أحد وكانوا أصحاب اللواء ولم يسلم منهم إلا رجلان مصعب بن عمير وسويبط بن حرملة وَلَوْ عَلِمَ اللّه فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ يعني سماع تفهم وانتفاع وقبول للحق ومعنى ولو علم اللّه.

قال الإمام فخر الدين : إن كان ما كان حاصلا فيجب أن يعلمه اللّه فعدم علم اللّه بوجوده من لوازم عدمه فلا جرم حسن التعبير عن عدمه في نفسه بعدم علم اللّه بوجوده وتقدير الكلام لو حصل فيهم خير لأسمعهم اللّه الحجج والمواعظ سماع تعليم وتفهم وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ يعني بعد أن علم أنه لا خير فيهم لم ينتفعوا بما يسمعون من المواعظ والدلائل لقوله تعالى : لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ يعني لتولوا عن سماع الحق وهم معرضون عنه لعنادهم وجحودهم الحق بعد ظهوره

وقيل : إنهم كانوا يقولون للنبي صلى اللّه عليه وسلم : أحي لنا قصيا فإنه كان شيخا مباركا حتى يشهد لك بالنبوة فنؤمن لك فقال اللّه سبحانه وتعالى : ولو أحيا لهم قصيا وسمعوا كلامه لتولوا عنه وهم معرضون.

قوله عز وجل : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للّه وَلِلرَّسُولِ يعني أجيبوهما بالطاعة والانقياد لأمرهما إِذا دَعاكُمْ يعني الرسول صلى اللّه عليه وسلم. وإنما وجد الضمير في

قوله تعالى إذا دعاكم لأن استجابة الرسول صلى اللّه عليه وسلم استجابة للّه تعالى وإنما يذكر

أحدهما مع الآخر للتوكيد واستدل أكثر الفقهاء بهذه الآية على أن ظاهر الأمر للوجوب لأن كل من أمره اللّه ورسوله صلى اللّه عليه وسلم بفعل فقد دعاه إليه وهذه الآية تدل على أنه لا بد من الإجابة في كل ما دعا اللّه ورسوله إليه

(خ).

عن أبي سعيد بن المعلى قال : (كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم أجبه ثم أتيته فقلت يا رسول اللّه إني كنت أصلي فقال صلى اللّه عليه وسلم ألم يقل اللّه استجيبوا للّه وللرسول إذ دعاكم) ثم ذكر الحديث عن أبي هريرة (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خرج على أبي بن كعب وهو يصلي فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يا أبيّ فالتفت أبيّ ولم يجبه وصلى أبي وخفف ثم انصرف إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال السلام عليك يا رسول اللّه فقال صلى اللّه عليه وسلم ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك فقال : يا رسول اللّه إني كنت في الصلاة فقال صلى اللّه عليه وسلم أفلم تجد فيما أوحى اللّه إلي : استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم قال بلى ولا أعود إن شاء اللّه تعالى) وذكر الحديث أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

قيل هذه الإجابة مختصة بالنبي صلى اللّه عليه وسلم فعلى هذا ليس لأحد أن يقطع صلاته لدعاء أحد آخر

وقيل لو دعاه أحد لأمر مهم لا يحتمل التأخير فله أن يقطع صلاته.

وقوله تعالى : لِما يُحْيِيكُمْ يعني إذا دعاكم إلى ما فيه حياتكم. قال السدي : هو الإيمان ، لأن الكافر ميت فيحيا بالإيمان. وقال قتادة : هو القرآن ، لأنه حياة القلوب وفيه النجاة والعصمة في الدارين. وقال مجاهد :

هو الحق وقال محمد بن إسحاق : هو الجهاد لأن اللّه أعزه به بعد الذل.

وقيل : هو الشهادة لأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون : وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ قال ابن عباس : يحول بين المؤمن وبين الكفر ومعاصي اللّه ويحول بين الكافر وبين الإيمان وطاعة اللّه. وهذا قول سعيد بن جبير والضحاك ومجاهد. وقال السدي :

يحول بين الإنسان وقلبه فلا يستطيع أن يؤمن أو يكفر إلا بإذنه وقد دلت البراهين العقلية على هذا القول لأن أحوال القلوب اعتقادات ودواعي وتلك الاعتقادات والدواعي لا بد أن تتقدمها الإرادة وتلك الإرادة لا بد لها من فاعل مختار وهو اللّه سبحانه وتعالى فثبت بذلك أن المتصرف في القلب كيف شاء هو اللّه تعالى

(م) عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول (إن قلوب بين آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث شاء ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اللّهم مصرف القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك) عن أنس بن مالك قال : (كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقلنا يا رسول اللّه قد آمنّا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا قال : نعم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء). أخرجه الترمذي وهذا الحديث من أحاديث الصفات ، فيجب على المرء المسلم أن يمره على ما جاء مع الاعتقاد الحازم بتنزيه اللّه تعالى عن الجارحة والجسم.

وقيل في معنى الآية : إن اللّه عز وجل يحول بين المرء وقلبه حتى لا يدري ما يصنع ولا يعقل شيئا.

وقيل : إن القوم لما دعوا إلى القتال والجهاد وكانوا في غاية الضعف والقلة خافت قلوبهم وضاقت صدورهم فقيل لهم : قاتلوا في سبيل اللّه واعلموا أن اللّه يحول بين المرء وقلبه فيبدل الخوف أمنا والجبن جراءة.

وقوله تعالى : وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ يعني في الآخرة فيجزي كل عامل بعمله فيثيب المحسن ويعاقب العاصي.

قوله سبحانه وتعالى :

وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥)

﴿ ٢٤