٢٥

وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً لما أخبر اللّه عز وجل أنه يحول بين المرء وقلبه حذر من وقوع المرء في الفتن والمعنى واحذروا فتنة إن نزلت بكم لم تقتصر على الظالم خاصة بل تتعدى إليكم جميعا وتصل إلى الصالح والطالح وأراد بالفتنة الابتلاء والاختبار

وقيل : تقديره واتقوا فتنة إن لم تتقوها أصابتكم جميعا الظالم وغير الظالم.

قال الحسن : نزلت هذه الآية في علي وعمار وطلحة والزبير. قال الزبير : لقد قرأنا هذه الآية زمانا وما نرى أنا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها يعني ما كان منهم في يوم الجمل. وقال السدي ومجاهد والضحاك وقتادة :

هذا في قوم مخصوصين من أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم أصابتهم الفتنة يوم الجمل. وقال ابن عباس : أمر اللّه عز وجل المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم اللّه بالعذاب فيصيب الظالم وغير الظالم روى البغوي بسنده عن عدي بن عدي الكندي قال حدثني مولى لنا أنه سمع جدي يقول سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول (إن اللّه لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه فإذا فعلوا ذلك عذب اللّه العامة والخاصة) والذي ذكره ابن الأثير في جامع الأصول عن عدي بن عميرة الكندي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : (إذا

عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فأنكرها كمن غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها) أخرجه أبو داود عن جرير بن عبد اللّه قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول (ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيروا عليه ولم يغيروا إلا أصابهم اللّه بعقاب قبل أن يموتوا) أخرجه أبو داود. وقال ابن زيد : أراد بالفتنة افتراق الكلمة ومخالفة بعضهم بعضا

(ق) عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذبه)

فإن قلت ظاهر

قوله تعالى : وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً يشمل الظالم وغير الظالم كما تقدم تفسيره فكيف يليق برحمة اللّه وكرمه أن يوصل الفتنة إلى من يذنب.

قلت : إنه تعالى مالك الملك وخالق الخلق وهم عبيده وفي ملكه يتصرف فيهم كيف يشاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فيحسن ذلك منه على سبيل المالكية أو لأنه تعالى علم اشتمال ذلك على أنواع المصلحة واللّه أعلم بمراده.

وقوله سبحانه وتعالى : وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه شَدِيدُ الْعِقابِ فيه تحذير ووعيد لمن واقع الفتنة التي حذره اللّه منها.

وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللّه وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧)

﴿ ٢٥