١٢١٣وقوله سبحانه وتعالى : وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ يعني وإن نقضوا عهودهم مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ يعني من بعد ما عاهدوكم عليه أن لا يقاتلوكم ولا يظاهروا عليكم أحدا من أعدائكم وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ يعني وعابوا دينكم الذي أنتم عليه وقدحوا فيه وثلبوه. وفي هذا دليل على أن الذمي إذا طعن في دين الإسلام وعابه ظاهرا لا يبقى له عهد والمراد بهؤلاء الذين نقضوا العهد كفار قريش وهو قوله تعالى : فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ يعني رؤوس المشركين وقادتهم. قال ابن عباس : نزلت في أبي سفيان بن حرب والحرث بن هشام وسهيل بن عمرو وأبي جهل وابنه عكرمة وسائر رؤساء قريش وهم الذين نقضوا عهدهم وهموا بإخراج الرسول وقيل أراد جميع الكفار وإنما ذكر الأئمة لأنهم الرؤساء والقادة ففي قتالهم قتال الأتباع ، وقال مجاهد : هم فارس والروم وقال حذيفة بن اليمان : ما قوتل أهل هذه الآية بعد ولم يأت أهلها ولعل حذيفة أراد بذلك الذين يظهرون مع الدجال من اليهود فإنهم أئمة الكفر في ذلك الزمان واللّه أعلم بمراده. وقوله سبحانه وتعالى : إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ جمع يمين أي لا عهد لهم وقيل معناه إنهم لا وفاء لهم بالعهود وقرئ لا إيمان لهم بكسر الهمزة ومعناه لا دين لهم ولا تصديق وقيل هو من الأمان أي اقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تؤمنوهم لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ أي لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم ويرجعوا عن الكفر إلى الإيمان ثم حض المؤمنين على جهاد الكفار وبين السبب في ذلك فقال تعالى : أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ يعني نقضوا عهودهم وهم الذين نقضوا عهد الصلح بالحديبية وأعانوا بني بكر على خزاعة وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ يعني من مكة حين اجتمعوا في دار الندوة وَهُمْ بَدَؤُكُمْ يعني بالقتال أَوَّلَ مَرَّةٍ يعني يوم بدر وذلك أنهم قالوا لا ننصرف حتي نستأصل محمدا وأصحابه وقيل أراد به أنهم بدءوا بقتال خزاعة حلفاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَتَخْشَوْنَهُمْ يعني أتخافوهم أيها المؤمنون فتتركون قتالهم فَاللّه أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ يعني في ترك القتال إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يعني إن كنتم مصدقين بوعد اللّه ووعيده. قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّه بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّه عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللّه عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّه الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّه وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّه خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦) ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللّه شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧) |
﴿ ١٢ ﴾