١٠

١١

قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ يعني قال قائل من إخوة يوسف وهو يهوذا ، وقال قتادة : هو روبيل وهو ابن خالته وكان أكبرهم سنا وأحسنهم رأيا فيه فنهاهم عن قتله ، وقال : القتل كبيرة عظيمة والأصح أن قائل هذه

المقالة هو يهوذا لأنه كان أقربهم إليه سنا وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يعني ألقوه في أسفل الجب وظلمته والغيابة كل موضع ستر شيئا وغيبه عن النظر والجب البئر الكبيرة غير مطوية سمي بذلك لأنه جب أي قطع ولم يطو وأفاد ذكر القيامة مع ذكر الجب أن المشير أشار بطرحه في موضع من الجب مظلم لا يراه أحد واختلفوا في مكان ذلك الجب ، فقال قتادة : هو بئر ببيت المقدس ، وقال وهب : هو في أرض الأردن وقال مقاتل هو في أرض الأردن على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب وإنما عينوا ذلك الجب للعلة التي ذكروها وهي قولهم يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ وذلك أن هذا الجب كان معروفا يرد عليه كثير من المسافرين ، والالتقاط أخذ الشيء من الطريق أو من حيث لا يحتسب ، ومنه اللقطة بعض السيارة يعني يأخذه بعض المسافرين فيذهب به إلى ناحية أخرى فتستريحون منه إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ فيه إشارة إلى ترك الفعل فكأنه قال لا تفعلوا شيئا من ذلك وإن عزمتم على هذا الفعل فافعلوا هذا القدر إن كنتم فاعلين ذلك.

قال البغوي : كانوا يومئذ بالغين ولم يكونوا أنبياء إلا بعده

وقيل لم يكونوا بالغين وليس بصحيح بدليل أنهم قالوا وتكونوا من بعده قوما صالحين وقالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين والصغير لا ذنب له. قال محمد بن إسحاق : اشتمل فعلهم هذا على جرائم كثيرة من قطيعة الرحم وعقوق الوالدين وقلة الرأفة بالصغير الذي لا ذنب له والغدر بالأمانة وترك العهد والكذب مع أبيهم وعفا اللّه عن ذلك كله حتى لا ييأس أحد من رحمة اللّه تعالى وقال بعض أهل العلم عزموا على قتله وعصمهم اللّه رحمة بهم ولو فعلوا ذلك لهلكوا جميعا وكل ذلك كان قبل أن نبأهم اللّه فلما أجمعوا على التفريق بين يوسف وبين والده بضرب من الحيل قالُوا يعني : قال إخوة يوسف ليعقوب يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ بدءوا بالإنكار عليه في ترك إرسال يوسف معهم كأنهم قالوا : أتخافنا عليه إذا أرسلته معنا وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ المراد بالنصح هنا القيام بالمصلحة ،

وقيل : البر والعطف والمعنى وإنا لعاطفون عليه قائمون بمصلحته وبحفظه ، وقال مقاتل : في الكلام تقديم وتأخير وذلك أنهم قالوا لأبيهم أرسله معنا فقال يعقوب إني ليحزنني أن تذهبوا به فحينئذ قالوا : مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون ثم قالوا.

أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١٢) قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣) قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥)

﴿ ١٠