٣٨وَاتَّخَذُوا يعني عبدة الأوثان مِنْ دُونِهِ آلِهَةً يعني الأصنام لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً يعني دفع ضر ولا جر نفع وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً أي إماتة وَلا حَياةً أي إحياء وَلا نُشُوراً أي بعثا بعد الموت وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني النضر بن الحارث وأصحابه إِنْ هَذا أي ما هذا القرآن إِلَّا إِفْكٌ أي كذب افْتَراهُ أي اختلقه محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ قيل : هم اليهود وقيل عبيد بن الخضر الحبشي الكاهن ، وقيل جبر ويسار وعداس بن عبيد كانوا بمكة من أهل الكتاب ، فزعم المشركون أن محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم يأخذ منهم قال اللّه تعالى فَقَدْ جاؤُ يعني قائلي هذه المقالة ظُلْماً وَزُوراً أي بظلم وزور ، وهو تسميتهم كلام اللّه بالإفك والافتراء وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها يعني النضر بن الحارث كان يقول : إن هذا القرآن ليس من اللّه وإنما هو مما سطره الأولون مثل حديث رستم وإسفنديار ومعنى اكتتبها انتسخها محمد صلّى اللّه عليه وسلّم من جبر ويسار وعداس وطلب أن تكتب له لأنه كان لا يكتب فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ أي تقرأ عليه ليحفظها لأنه لا يكتب بُكْرَةً وَأَصِيلًا يعني غدوة وعشية قال اللّه تعالى ردا عليهم قُلْ يا محمد أَنْزَلَهُ يعني القرآن الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ أي الغيب فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً أي لولا ذلك لعاجلهم بعذابه وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يعنون محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم يَأْكُلُ الطَّعامَ أي كما نأكل نحن وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ أي يلتمس المعاش كما نمشي نحن وإذا كان كذلك فمن أين له الفضل علينا ، ولا يجوز أن يمتاز عنا بالنبوة وكانوا يقولون له لست بملك لأنك بشر مثلنا ، والملك لا يأكل ولا يملك لأن الملك لا يتسوق وأنت تتسوق وتبتذل وما قالوه فاسد لأن أكله الطعام لكونه آدميا ، ولم يدع أنه ملك ومشيه في الأسواق لتواضعه وكان ذلك صفته في التوراة ولم يكن سخابا في الأسواق وليس شيء من ذلك ينافي النبوة ولأنه لم يدع أنه ملك من الملوك لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ أي يصدقه ويشهد له فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أي داعيا أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أي ينزل عليه كنز من السماء ينفقه فلا يحتاج إلى التصرف في طلب المعاش أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يعني بستان يَأْكُلُ مِنْها أي هو فلا أقل من ذلك إن لم يكن له كنز وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً يعني مخدوعا و قيل مصروفا عن الحق. انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٩) تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (١٠) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (١١) إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (١٢) وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (١٣) لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (١٤) قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً (١٥) لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً (١٦) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) |
﴿ ٣ ﴾