٥٦ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ يعني الذين ولدوهم فقولوا زيد بن حارثة هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ يعني أعدل عند اللّه (ق) عن ابن عمر قال : إن زيد بن حارثة مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ الآية فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ يعني فهم إخوانكم وَمَوالِيكُمْ أي كانوا محررين وليسوا ببنيكم أي فسموهم بأسماء إخوانكم في الدين ، وقيل معنى مواليكم أولياؤكم في الدين وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ أي قبل النهي فنسبتموه إلى غير أبيه وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ أي من دعائهم إلى غير آبائهم بعد النهي وقيل فيما أخطأتم به أن تدعوه إلى غير أبيه وهو يظن أنه كذلك وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. (ق) عن سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال (من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) قوله عز وجل النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يعني من بعضهم ببعض في نفوذ حكمه ، عليهم ووجوب طاعته وقال ابن عباس إذا دعاهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أولى بهم من طاعة أنفسهم ، وهذا صحيح لأن أنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم ، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم ، وقيل هو أولى بهم في الحمل على الجهاد وبذل النفس دونه ، وقيل كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يخرج إلى الجهاد فيقول قوم نذهب فنستأذن من آبائنا وأمهاتنا ، فنزلت الآية. (ق) عن أبي هريرة قال إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال (ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة ، واقرءوا إن شئتم النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فأيما مؤمن ترك مالا فلترثه عصبته من كانوا ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه). عصبة الميت من يرثه سوى من له فرض مقدر وقوله أو ضياعا أي عيالا وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعا ، وإن كسرت الضاد كان جمع ضائع. قوله تعالى وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ يعني أمهات المؤمنين في تعظيم الحرمة وتحريم نكاحهن على التأبيد لا في النظر إليهن والخلوة بهن ، فإنه حرام في حقهن كما في حق الأجانب ولا يقال لبناتهن هن أخوات المؤمنين ولا لإخوانهن وأخواتهن هن أخوال المؤمنين وخالاتهم. قال الشافعي تزوج الزبير أسماء بنت أبي بكر وهي أخت عائشة أم المؤمنين ولم يقل هي خالة المؤمنين ، وقيل إن أزواج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كن أمهات المؤمنين والمؤمنات الرجال والنساء وقيل كن أمهات الرجال دون النساء ، بدليل ما روي عن مسروق أن امرأة قالت لعائشة يا أمه. فقالت لست لك بأم إنما أنا أم رجالكم. فبان بذلك أن معنى الأمومة إنما هو تحريم نكاحهن وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ يعني في الميراث قيل كان المسلمون يتوارثون بالهجرة ، وقيل آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين الناس فكان يؤاخي بين الرجلين فإذا مات أحدهما ورثه الآخر دون عصبته ، حتى نزلت وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ وقيل في معنى الآية لا توارث بين المسلم والكافر ولا بين المهاجر وغير المهاجر فِي كِتابِ اللَّهِ أي في حكم اللّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الذين آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بينهم وَالْمُهاجِرِينَ يعني أن ذوي القرابات أولى بعضهم ببعض فنسخت هذه الآية الموارثة بالمؤاخاة والهجرة وصارت الموارثة بينهم بالقرابة إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً يعني الوصية للذين يتولونه من المعاقدين ، وذلك أن اللّه تعالى لما نسخ التوارث بالخلف والإخاء والهجرة ، أباح أن يوصي لمن يتولاه بما أحب من ثلث ماله ، وقيل أراد بالمعروف النصر وحفظ الحرمة بحق الإيمان والهجرة ، وقيل معناه إلا أن توصوا إلى قرابتكم بشيء وإن كانوا من غير أهل الإيمان والهجرة كانَ ذلِكَ أي الذي ذكر من أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض فِي الْكِتابِ أي في اللوح المحفوظ وقيل في التوراة مَسْطُوراً أي مكتوبا مثبتا. قوله تعالى : وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩) |
﴿ ٥ ﴾